تثير مسألة الإحالة على التقاعد دوما فتنة بين العمال، فكثيرون ممّن تجاوزوا 60 من أعمارهم وعبر جميع القطاعات يصرون على البقاء في مناصبهم، رغم إحالتهم على التقاعد، حيث تم إحصاء قرابة 20 ألف موظف بقطاع الوظيف العمومي تعدوا 60 من أعمارهم ولازالوا يمارسون مهامهم، ومجرّد محاولات إحالتهم على التقاعد ستتسبب في فتنة بالعمل، قد تصل حتى الإضرابات والاحتجاجات.
تبرر بعض الإدارات عدم استغنائها عن "شيوخها" بصعوبة إيجاد البديل من الشباب لنقص خبرتهم، خاصّة في قطاعات حسّاسة على غرار المالية والبنوك، كما أنّ بعض الموظفين "عمّروا" في كراسيهم لسنوات طويلة ما يجعل أمر مغادرتهم صعب عليهم، وهو ما يعيشه قطاع التربية مؤخرا بعد رفض كثير من مديري المؤسسات التربوية ترك مناصبهم. وفي الموضوع، احتجّ أول أمس أساتذة ثانوية ببئر مراد رايس بالعاصمة، بعد إصرار مدير المدرسة المحال على التقاعد عدم الخروج رغم تنصيب آخر مكانه، ويرفض الأساتذة بقاء المدير في منصبه بسبب خلافات بينهم، لكن مؤسسة الوظيف العمومي تراجعت لاحقا عن إحالة المدير القديم على التقاعد، وعيّنت خليفته في مؤسسة تربوية أخرى.
ويتهم جيل الشباب العاطل عن العمل "الشيوخ"، بتمضية الوقت والتسلية في مكاتبهم لانعدام أي قدرة نفسية لديهم وجسدية على العطاء بعد سنوات طويلة من العمل. وأن خروجهم سيوفر الكثير من مناصب العمل للشباب.
وفي هذا الصّدد، أوضح عضو المجلس الوطني لمستخدمي الإدارة العمومية (سناباب) عبد القادر فاطمي "للشروق"، أن قضية التقاعد أبعد من إصرار الموظفين على البقاء بمناصبهم، وإنما هي صراع وتناحر بين السلطة التي تحاول التقليل من شبح البطالة بإحالة الشيوخ على التقاعد، وصندوق الضمان الاجتماعي (الكناس) والذي سيتضرّر كثيرا من خروج المتقاعدين، خاصة أصحاب المناصب الرفيعة، حيث سيتلقون مقابلا ماديا كبيرا، وبذلك يخسر الصندوق سيولته المادية، وحسبه "بعض الجهات يساعدها أن يبقى الموظف في وظيفته حتى يموت...".