(( أن رجلاً فيمن قبلنا استدان من رجل ألف دينار، فقال له: من عنده الدنانير: أبغني كفيلاً، قال: كفى بالله كفيلاً، قال: أبغني شهيداً، قال: كفى بالله شهيداً، فأعطاه ألف دينار على أن يسددها بعد عام وقدر ذلك الشهر وذلك اليوم الذي يكون فيه السداد.. لما مضى العام الكامل وجاء اليوم الذي هو موعد السداد خرج ذلك الرجل بألف دينار ليجد مركباً لعله أن يوصله إلى صاحب الحق فيعطيه حقه في وقته، فما وجد سفينة يركبها، ما وجد مركبا بحريا يسير عليه، فلما انقضى ذلك اليوم وهو يراقب عسى مركب بحريا يوصله إلى مكان صاحب الحق، فأيس من ذلك، فأخذ خشبة ونجرها وجعل فيها الألف الدينار وصحيفة العقد وزجها وختمها وألقاها في البحر، وقال: اللهم إن فلان طلب مني كفيلاً فرضي بك كفيلاً، ورضي بك شهيداً، وهذا حقه فأسألك أن توصله إليه... قال: وخرج ذلك الرجل ( صاحب المال ) في ذلك اليوم يرتقب الموعد الذي وعده صاحبه، فما وجد أحداً جاء، وإنما رأى خشبة قد ألقيت على ساحل البحر، فأخذها من باب أنها حطب لأهله، فلما نشرها إذا الصحيفة والألف الدينار موجود فيها، فأخذ حقه ألف الدينار، وأخذ صحيفته، وحمد الله، وأثنى على صاحب الحق أنه أوصل حقه في يومه... و بعد أيام وجد الذي عليه الدين مركباً فسار عليه يريد صاحب المال يعطيه ماله يظن أن المبلغ الذي وضعه في تلك الخشبة لم يصل إلى صاحبه فلما وجده قال له: إني أعتذر فقد أخرت الوفاء فوالله ما وجدت مركباً أسير عليه، قال: ألم تبعث لي خشبة فيها ألف دينار وصحيفة، قال: يا أخي والله ما وجدت مركباً أسير عليه، قال: اعلم أن الله قد قضى عنك ما عليك، وأن تلك الخشبة التي ألقيتها في البحر ما زالت الريح بها حتى ألقتها على الساحل، فأخذتها وأخذت نصيبي، فارجع راشداً بما معك، فجزاك الله خيراً) أخرجه البخاري (2169)...
هذا هو الإيمان إذا وقر في القلوب صدقه العمل وقاد صاحبه إلى كل خير وحفظه من طمع النفوس وجشعها ومن غمط الحقوق وخيانة الأمانات وتضييعها.