وإذا كان الله قد امتن على عباده بكثرة النعم، كما قال: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) فلنعلم أن من أعظم النعم وأكثرها أثراً في توفيق الله لعبده هي " قوة العبادة ".
نعم والله، إننا في زمن قد نرى فيه كثير العلم وواسع المعرفة، ومدمن القراءة، وقد نسمع عن فلان أنه يحفظ القرآن ولا يخطئ في حرف واحد، وقد نشاهد بعض الدعاة الذين لهم قدم عليا في التضحيات، ولكننا قد لا نرى من يوصف بـ " قوة العبادة " وعلو الهمة في الصلاة والصوم والذكر والخشوع والدموع.
يا ترى ! لم قلَّت هذه المعاني في نفوس فئة كثيرة من المنتسبين للعلم والدعوة ؟ وهل يشعر هؤلاء بفقد هذه النعمة؟ أم أن النعم الظاهرة ألهتهم عن النعم الخفية ؟.
وإن الناظر لحياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصحابة رضوان الله عليهم ليجد أروع الأمثلة، وأصدق النماذج في قوة العبادة وعظم التأله.
وعلى هذا درج السلف، وحوت كتب السير والتراجم أمثلة يعجز القلم عن إحصائها.
وتستمر القافلة وتجري عقارب الزمن لتخبرنا عن رجال ونساء في عصرنا لهم أوفر الحظ والنصيب من "زاد العبادة " وقوة اليقين، وشدة الرغبة في دار القرار.
وختاماً: كما أن الأمة تفتقر إلى علماء ومصلحين وحفاظ وإداريين ومهندسين فلا ريب أن حاجة الأمة إلى عباد وزهاد وأنقياء ساروا على سلم العلم ليكونوا " بقية سلف " في " زمن الغربة ".
ومضة: إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل.