فالخوف عبادة كما أن الصلاة عبادة، وبما أن الصلاة لها أحكام وشروط وواجبات نجدها في كتب الفقه، فكذا الخوف له أحكام نجدها في كتب العقيدة.
ومن أهم شروط الخوف أنه وحده لا يكفي، بل إن إيمان العبد لا يسلم إن غلب جانب الخوف على جانب الرجاء.
1- من أعظم أسباب ترقيق القلوب هي ما نمارسها نحن المسلمين ولله الحمد يوميا خمس مرات، وينقلنا من عالم الماديات إلى عالم الروحانيات المتوازن، وهذا من أبرز مميزات هذا الدين.
فالعبد حين يسمع النداء للصلاة يذهب و يتوضأ ويقوم بحركات مادية في الظاهر، لكن لو استشعر كل مسلم حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم إذا غسل أعضاءه في الوضوء تساقطت خطاياه مع الماء، أو مع آخر قطرة من الماء، ثم إذا أتم الوضوء قال: اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين، عندها فتحت له أبواب الجنة الثمانية أحس بالعلاقة القوية بين العبد وربه.
كل هذا الاستعداد البدني والنفسي للدخول في الصلاة، ذلك الارتباط بين العبد وخالقه ومولاه، إذا قال الله أكبر ودخل في صلاته تصاغر عنده كل شيء، لعلمه أن الله أكبر من كل كبير وهو سبحانه يقبل على العبد ولا ينصرف عنه حتى ينشغل العبد بقلبه إلى أمور الدنيا الزائلة، عندها تنقطع العلاقة بينه وبين ربه سبحانه..
ولا شك أن الوضوء والصلاة و الإكثار منها يحط الخطايا، وبالتالي يرق القلب، وفي الحديث " أرأيت لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه خمس مرات كل يوم هل يبقى من درنه من شيء؟ قالوا: لا قال: كذلك الصلاة يمحو الله بهن الخطايا. لأن كثرة الذنوب هي سبب قسوة القلب. قال تعالى:( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون).
2- كذلك قراءة القرآن، والإنصات إلى كلام رب الأرض والسماوات يجعل القلوب تلين وتخشع، قال سبحانه في سورة الزمر: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فماله من هاد)
كذلك إذا علمت أن ربك سبحانه على جلالته وعلو مكانته يخاطبك أيها العبد الفقير فيقول:( يأيها الذين آمنوا....وقل للمؤمنات....إن المسلمين والمسلمات...والذاكرين الله كثيرا والذاكرات... الخ كان حري بنا أن نطرق سمعنا لما نؤمر به أو ننهى عنه كما قال السلف: إذا سمعت يا أيها الذين آمنوا فأطرق لها سمعك فإما خيرا تؤمر به أو شرا تنهى عنه.
كذلك يوجد في القرآن من الإعجاز البلاغي والعلمي ما يجعل الإنسان إذا سمعه أن يرق قلبه لعلمه أنه من عند الله، ومن الإعجاز البلاغي في القرآن أن كلمة جنة ونار توجد بنفس العدد مما يدل على التوازن في التعامل مع هذه الأمور، فلا رجاء لدرجة ترك العمل ولا خوف لدرجة القنوط من رحمة الله يقول سبحانه: (ومن يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون).