:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل :قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم، فهذا الحديث من جوامع الكلم التي أوتيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو نصيحة غالية ودعوة صريحة للأمة،أفرادا وجماعات أن يتملكوا أسباب ا لقوة التي يحبها الله ورسوله، القوة في كل شيء مادية ومعنوية،وفي جميع معانيها المحبوبة لكل إنسان والله سبحانه وتعالى لا يحب للمؤمنين أن يكونوا في الجانب الضعيف، ولا أن يكونوا من المتقاعسين الذين يضعفون عن مجابهة التحديات أو يجبنون عن مقاومة الأعداء، هكذا جاءت الكلمات معرّفة عامة (المؤمن القوي) ولكن تسلية للمؤمن الذي لا يملك الشخصية القوية ولا الشكيمة والاعتزاز فإنه لم يستثن من الخيرية (وفي كل خير) وذلك حسب ما عنده من جوانب ايجابية ولو أنها قليلة أو ضعيفة، وحتى لا يقع في أجواء الخيبة والخسران، وهذا من العدل والإنصاف.
من أين تأتي القوة؟
تأتي من الإيمان العميق والتمسك بالمبدأ (الإسلام) الذي يدفعه إلى التضحية والصبر والمصابرة وتقديم النفس والنفيس في سبيله، تأتي القوة من قول الحق والجهر به والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتأتي من الأخلاق العالية، فالصبر قوة والرحمة قوة لأنها لا تكون إلا من ذوي النفوس الكبيرة، والعدل قوة لأن العادل لا يخشى بأس المتكبرين ولا يرجو نفعا من المظلومين والتواضع قوة، والحلم قوة، فالحليم لا يستفزه تطاول الناس لأنه أكبر من ذلك، وكل هذه القوى كانت متمثلة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أشجع الناس وأكرم الناس وأحلم الناس وأعدل الناس، تأتي القوة من البعد عن سفاسف الأمور والبعد عن الحسد والحقد والصراع من أجل الجاه والمناصب، فالإنسان المعطاء قوي لأنه لا يعتمد في قوته على المال أو الجاه، إنه يملك أشياء لا يستطيع أحد أن يأخذها منه، يملك الصدق والصبر والشجاعة والشهامة، تأتي القوة عندما يكون المسلم في دائرة التأثير على الآخرين و يمتلك الخارطة الصحيحة والبوصلة التي تدل على الطريق المستقيم.