لكن الجديد أو المتجدد في الأمر هو تهاون كثيرين عن أحد تلك الأركان الخمسة وهي الزكاة، ربما التهاون مصدره الجهل بهذه الفريضة وكيفية حسابها وأدائها، وهو جهل لا يمكن قبوله بكل تأكيد أو تمريره وتبريره، وخاصة في مثل أيامنا هذه التي يمكن للمرء التوصل إلى أي معلومة أو أن يجد حلاً لأي إشكالية أو مسألة عصية الفهم، من خلال البحث في شبكة الإنترنت ليجد مبتغاه بكل سهولة ويسر، كأيسر الوسائل الحديثة، وغيرها من وسائل كثيرة ومتنوعة..
إضافة إلى التهاون في أداء هذه الفريضة، هناك تغافل وتجاهل واضحان من كثيرين أيضاً، وقد يكون للمجتمع بمؤسساته المختلفة، دوره في هذا التهاون أو التغافل الحاصل اليوم.. هذا المجتمع حين يقوم بتهيئة أفراده مثلاً لفريضة كالصوم وبوسائل وطرق مختلفة، حتى تجد كثيرين على علم بمقدم شهر الصوم مع وعي بتفاصيل الحياة اليومية أثناء هذا الشهر، هو أمر في غاية الجمال، ولكن الأجمل حين يكمل هذا المجتمع مهمته لتتواصل تلك الحماسة مع بقية الأركان وبشكل مستمر طوال العام..
مثلما الحماسة تسري بالأبدان والأرواح لأداء فريضة الصوم، فإنها كذلك مطلوبة لفريضة أهم بكثير، والتي لا عذر لمسلم أو مسلمة في تركها وهي الصلاة في وقتها ولا شك في ذلك، ومن ثم التوجه نحو فريضة أخرى منسية أو يتغافل كثيرون عنها، المقتدرون مالياً أو متوسطو الحال.. وهي زكاة المال.
التوعية مطلوبة والترغيب مهم.. فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لم يتهاون لحظة حين رفض كثيرون أداء الزكاة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقاتلهم بسبب ذاك الرفض حتى أجبرهم على أدائها، ولا نقول بمقاتلة المتهاونين أو المتغافلين عن الزكاة اليوم، فالوضع ولله الحمد يختلف عما واجهه خليفة رسول الله يومها، لكن التوعية ضرورية، وترغيب الناس بالحكمة والموعظة الحسنة في رفق ولين، هو أمر محمود، دون كثير تعمق في ترهيب وتخويف إلا بقدر معقول، فالمسألة تتعلق بواحدة من أحب أمرين إلى الإنسان، المال والأبناء.
المال عزيز على الإنسان.. ولجهل كثيرين بمقاصد الزكاة والحكمة من أدائها، تجد من تجب عليهم أدائها، يتجاهلون أو يتغافلون أو يتناسون أو إلى التسويف يلجأون ولو إلى حين! ولكن بالمقابل هناك كثيرون أيضاً يحرصون على الزكاة حرصهم على الصلاة وبقية الأركان.. يعدون العدة ويحسبون الحسبة لأدائها.. جعلنا الله وإياكم ممن يؤدون حق الله في أموالهم، للسائل والمحروم، لا يتهاونون ولا يتجاهلون.. وما موضوعنا اليوم إلا من باب الذكرى التي تنفع المؤمنين ليس أكثر.