وأقيمت الندوة تحت عنوان "الإعلام العربي المشترك وتحديات المستقبل" بحضور نخبة من الإعلاميين العرب يتقدمهم ماجد الخليفي رئيس تحرير صحيفة استاد الدوحة, عضو لجنة الإعلام الرياضي والذي أدار الندوة من خلال ثلاثة محاور هامة تحدث فيها محمد جميل عبد القادر رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية, والإعلامي السعودي طلال آل الشيخ النائب الأول لرئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية, والإعلامي المغربي بدر الدين الإدريسي نائب رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية.
وشهدت هذه الندوة التي نظمتها لجنة الإعلام الرياضي القطري برعاية اللجنة الأولمبية, وبالتعاون مع الاتحاد العربي للصحافة الرياضية, حضوراً كبيراً من الإعلاميين العرب الذين أثروا فعالياتها بالعديد من الأسئلة الهامة والتي تركزت حول كل ما يدور في ذهن رجال الإعلام في الفترة الحالية.
وتطرقت الندوة إلى العديد من الملفات الهامة بداية من الحرب الإعلامية الشرسة التي تعرضت لها قطر بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام من الإعلام الغربي منذ أن نالت قطر شرف تنظيم نهائيات كأس العالم 2022, ومروراً بالتأثير الإيجابي والسلبي للإعلام على الحياة الاجتماعية بشكل عام, ووصولاً إلى الصراع الدائر بين الصحافة التقليدية ممثلة في الصحف الورقية و سائل الإعلام الحديثة ممثلة في وسائل التواصل الاجتماعي, وهي الحرب التي تخسر فيها الصحافة التقليدية أرضاً جددة بشكل يومي.
وبدأت فعاليات الندوة بالكلمة التي ألقاها ماجد الخليفي عضو لجنة الإعلام الرياضي القطري والتي رحب فيها بجميع الحضور من كافة الأوطان العربية في بلدهم الثاني قطر, وتطرق سريعاً إلى أهم التحديات التي تعترض طريق إعلامنا العربي في الوقت الحالي.
وكانت الكلمة الافتتاحية للخليفي بمثابة التمهيد الرائع للمحاور الثلاثة التي تحدث عنها ضيوفه من قيادات الاتحاد العربي للصحافة الرياضية.
الإعلام العربي بين الحرية والمسؤولية
وبعد هذا التمهيد قدم الخليفي للمحور الأول بالندوة والذي حمل عنوان "الإعلام العربي بين الحرية والمسؤولية" وتحدث عنه محمد جميل عبد القادر رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية مشيراً في البداية إلى أن العالم يتغير من حولنا بسرعة الصاروخ, ونحن كعرب نريد أن يكون لنا موقعاً في هذه التغيرات السريعة والمتلاحقة.
وقال عبد القادر أن واقع التغيير نتج عن العولمة التي تهدف في المقام الأول إلى التوحد الإنساني في كافة مناحي الحياة سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو رياضية أو اقتصادية, مشيراً إلى أن هذه العولمة أثرت كثيراً في عاداتنا وتقاليدنا باعتبار أن الآلة الإعلامية الأكبر والأقوى حالياً تتركز في الغرب.
وطرح رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية تساؤلاً هاماً قال فيه " كيف يسيطر 20% من العالم في الشمال على الآلة الإعلامية في مواجهة 80% في الجنوب؟" مؤكداً في الوقت نفسه على ضرورة الفصل بين الحرية والمسؤولية من قبل الإعلاميين أنفسهم باعتبار أن الإعلامي يجب أن يكون هو الرقيب الأول على نفسه.
وأعرب عبد القادر عن أمنياته بأن يتمكن الإعلام العربي من هدم الفجوة الهائلة بين التطور الكبير في وسائل الإعلام وبين المستوى المهني للعاملين في المجال الإعلامي, باعتبار أن التكنولوجيا تتطور بشكل سريع ومتلاحق الأمر الذي يجعلنا في أمس الحاجة للإعلامي المثقف والمستنير في كل جوانب الحياة.
واختتم محمد جميل عبد القادر حديثه في المحور الأول بالتأكيد على أن الإنسان هو من يصنع الإبداع وأن التكنولوجيا ما هي إلا وسيلة لترجمة هذا الإبداع ولا يمكن أبداً أن نرى إبداعاً بدون تطور للإعلام والإعلاميين, بشرط أن يكون هذا التطور نابع من المسؤولية الذاتية النابعة من الضمير الإعلامي.
الإعلام الغربي بين الحرية والحقيقة المشوهة
وتحدث الإعلامي المغربي بدر الدين الإدريسي في المحور الثاني تحت عنوان "الإعلام الغربي بين الحرية والحقيقة المشوهة" والتي سرد فيها العديد من المهاترات التي تناولها الإعلام الغربي عن ملف قطر 2022 منذ أن تم الإعلان عن فوز قطر بشرف تنظيم نهائيات كأس العالم.
ونوه الإدريسي في كلمته إلى أن انطباعاتنا القديمة عن الإعلام الغربي كانت كلها تشير إلى الشفافية والمصداقية التي يتحلى بها عطفاً على الخلفية الديمقراطية التي نعرفها في هذه البلدان, ولكننا فوجئنا بالوجه القبيح لهذه الآلة الإعلامية الغربية في اليوم التالي مباشرة للإعلان الرسمي عن فوز قطر بتنظيم مونديال 2022.
ولم يخف نائب رئيس الاتحاد العربي صدمته في الإعلام الغربي بشكل عام والانجليزي بشكل خاص مشيراً إلى أن هذا الإعلام لم يتحمل صدمة التفوق الكاسح للملف القطري على الملف الإنجليزي خلال مراحل التصويت على المونديال وبالتالي فقد اتزانه وفرط في مصداقيته.
وأشار الإدريسي في ختام كلمته إلى إعجابه الشديد بتعامل اللجنة العليا للمشاريع والإرث مع هذه القضية وعدم النزول إلى هذا المستوى المتدني من تشويه الحقائق, وانتهجت نهجاً رائعاً ردت خلاله على كل المهاترات والافتراءات بالأفعال وليس بالأقوال.
الإعلام العربي وانعكاساته الاجتماعية
أما المحور الثالث والأخير والذي تحدث فيه الإعلامي السعودي طلال آل الشيخ النائب الأول لرئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية فتركز حول موضوع "الإعلام العربي وانعكاساته الاجتماعية" والذي أشار خلاله آل الشيخ إلى التغييرات الهائلة التي حدثت في التركيبة الإعلامية خلال الأعوام الأخيرة التي شهدت القفزة العملاقة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وشرح آل الشيخ في حديثه بهذا المحور التأثير الكبير الذي تحدثه مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة والتي وصفها بأنها أصبحت الوسيلة الأولى للتغيير في مجتمعاتنا العربية أو الثانية على أقل تقدير, وذلك في كافة المجالات سواء في التغيير الرياضي أو الاقتصادي أو الثقافي أو حتى السياسي.
وأشار الإعلامي السعودي إلى أن الجميع أصبح مشاركاً بقوة الآن سواء كان إعلامياً أو غير إعلامي وسواء كانت هذه المشاركة بمسؤولية أو بدون مسؤولية, باعتبار أن أي مواطن عادي أصبح إعلامياً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمشكلة أنه يقوم بنقل المعلومة بمجرد سماعها دون توثيق أو تأكيد, الأمر الذي يجعل الشائعة تنتشر بسرعة الصاروخ ولكن علاجها أو نفيها لا يتم نفس السرعة, فضلاً عن أننا قد لا نستطيع بعدها علاج تأثيراتها السلبية سواء على المجتمع أو حتى على الأشخاص المعنيين بتلك الشائعة أو الأخبار المغلوطة.
وقبل ختام فعاليات الندوة حرص ماجد الخليفي على فتح باب الأسئلة والمناقشات بين الإعلاميين من ناحية وقيادات الاتحاد العربي من ناحية أخرى, ودرات حوارات متميزة وأطروحات هادفة حيث استمرت هذه المناقشات لمدة ساعة كاملة في أجواء أسرية رائعة استمتع بها جميع الحضور في جزيرة البانانا القطرية.