أحمد الله تعالى ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد نبي الهدى والرحمة وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
فمرحبا بك ـ أخي الكريم ـ وأرى من وراء سؤالك شابًا محبًا للخير، بدليل قولك "إني أستشعر الخوف من الله" ولكن قولك " ... بالرغم من أني لا أصلي" فهذا الذي يحتاج إلى بيان، فالصلاة فريضة من أعظم الفرائض التي فرضها الله على المسلم، قال تعالى: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" [البقرة:43]، وقال "وأقم الصلاة لذكري" [طه:14]، وقال أيضا"قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" [ المؤمنون:1-2],
أما شعورك بالخوف من الله بالرغم من أنك لا تصلي فهذا من تزيين الشيطان، لأنه ـ لعنه الله ـ يزين للناس سوء أعمالهم، فيأتي ـ مثلاً ـ لأحد الناس فيقول له ما دمت لا تفعل الشر ولا تؤذي أحدًا فلا داعي لأن تصلي، فالمهم أن يكون قلبك نظيفًا ليس فيه غش لأحد، فاحذر ـ يا أخي ـ من حيل الشيطان ووساوسه، فليس هناك من سبيل للقرب من الله بلا أداء للفرائض، وعلى رأسها فريضة الصلاة ، فـعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله ـ تعالى ـ قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته" رواه البخاري (6502).
وأرجو أن تقف معي عند النقاط التالية:
1-لو كان يكفي حال القلب دون صلاة لكان أحق الناس بالاستغناء عن الصلاة النبي "صلى الله عليه وسلم" وصحابته-رضي الله عنهم-، ومع ذلك كانوا أشد الناس حرصا على الصلاة في وقتها في المسجد.
2- إن الله –تعالى- يقول: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"[الذاريات: 56].
3- والصلاة هي رأس العبادة.
4- الله يحب الصلاة، فإذا كنت تشعر بالخوف منه حقا سارعت إلى أدائها.
5- لو قال الناس إنما يشعرون بالخوف من الله من غير صلاة، لخربت المساجد ولما ذكر الله في الأرض.
وأخيراً: إذا كان العبد لا يركع ولا يسجد فكيف يزعم حب الله، وأين الدليل على ذلك؟ إن المحب يحب قرب حبيبه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء " أخرجه مسلم (482) عن أبي هريرة – رضي الله عنه -.
وقيل:
إن كنت تزعم حبي *** فلم هجرت كتابي
أما تأملت ما فيه *** من لذيذ خطابي
هدانا الله وإياك إلى الخير، وجعلنا وإياك ممن هم على صلواتهم يحافظون .. والله أعلم.