قال تعالى (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، وقال تعالى ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ )، وقال تعالى (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) . . ويجب على من أخطأ في حق أخيه أن يبادر إلى الاعتذار له ويطلب منه العفو والصفح ؛ فإنه بذلك يحقق مقاصد للشرع جليلة ، من الألفة والمحبة وإزالة البغضاء والحقد من القلوب، وفي الاعتذار وطلب الصفح علاج للنفس من داء الكِبر والعُجب قال ابن حبان – رحمه الله - : "الاعتذار يُذهب الهموم ويجلي الأحزان ويدفع الحقد ويُذهب الصد، والإقلال منه تستغرق فيه الجنايات العظيمة والذنوب الكثيرة، والإكثار منه يؤدي إلى الاتهام وسوء الرأي، فلو لم يكن في اعتذار المرء إلى أخيه خصلة تُحمد إلا نفي العجب عن النفس في الحال، لكان الواجب على العاقل أن لا يفارقه الاعتذار عند كل زلة " . . . والمسلم يقبل توبةَ المسيء المتعمد ، وطلبه للصفح والعفو، ولو غلب على ظنه عدم صدقه في اعتذاره ، فعلى المخطئ المبادرة إلى التوبة وطلب الصفح بصدق وإخلاص ، وعلى المُساء إليه أن يصفح ويعفو . قال ابن حبان – رحمه الله - : "لا يجب للمرء أن يعلن عقوبة من لم يعلن ذنبه، ولا يخلو المعتذر في اعتذاره من أحد رجلين : إما أن يكون صادقاً في اعتذاره أو كاذباً، فإن كان صادقاً فقد استحق العفو ؛ لأن شر الناس من لم يقل العثرات ولا يستر الزلات ، وإن كان كاذباً فالواجب على المرء إذا علم من المعتذر إثم الكذب وريبته ، وخضوع الاعتذار وذلته ، أن لا يعاقبه على الذنب السالف ؛ بل يشكر له الإحسان المحدث الذي جاء به في اعتذاره، وليس يعيب المعتذر أن ذل وخضع في اعتذاره إلى أخيه" انتهى من "روضة العقلاء".