كثيرون منا تجده يقدم رضا الناس على رضاه الداخلي، أو بمعنى آخر يتحمل الضغط النفسي لأجل ألا يتخذ الناس موقفاً سلبياً منه، رغم علمه في قرارة نفسه أنه على حق وأن ما يقوم به الآن مع الناس هو الخطأ بعينه.. فلماذا يحدث هذا التناقض عند البعض منا؟ كل ذلك إنما هو نتيجة طبيعية لما يمكن أن نسميه بفقدان الثقة بالنفس عند هذا الشخص.. تجده دوماً يعتقد بأن الآخر هو الأفضل والأجود والأنفع، فيما هو العكس من ذلك تماماً!! فقدان الثقة ولوم الذات والحط من قدر النفس، نتيجة مفاهيم مغلوطة مترسخة في الوجدان، ترسخت لسبب وآخر بفعل التربية وعوامل اجتماعية ونفسية أخرى.. ومن هنا أقول للذي فقد الثقة بنفسه: ليكن في علمك أنك لن تفهم كل الناس وليس مطلوباً منك أن تفهمهم، كما أنه بالمثل لن يفهمك الناس وليس مطلوباً منهم أن يفهموك، فلم العتب إذاً وانتقاد الذات في حال حدوث سوء فهم سواء منك لهم أو منهم لك؟
تعلم دائماً أن تثق برأيك في كل أمر تقوم به، إذ حتى لو استشرت غيرك وأشاروا بغير ما تراه، فهذا لا يعني أنهم على صواب وأنك على خطأ.. هذا رأي وذاك رأي. رأيهم صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ ويحتمل الصواب كما قال الإمام الشافعي، والأهم أن تثق برأيك ولو أخذت برأي غيرك، لكن حذار من أن تسفّه رأيك. حين تقلل من ذاتك وتقر بدونيتك أمام الآخرين، فهذا إيحاء للنفس أنك كذلك فعلاً، وستجد نفسك تترجم ذلك الإيحاء على أرض الواقع دون شعور، على شكل سلوكيات وتصرفات، سواء مع نفسك أو الآخرين، وستظهر على صورة إنسان غير واثق من نفسه، مشتت الذهـن والفكر غير جدير بالتعامل معه.
زبدة الكلام: المرء منا عليه أن يدرك جيداً بأن استجداء رضا الناس أو استحسانهم له، لن يحدث بالسهولة التي قد يتصورها، وبالتالي سيظل هذا الإنسان رهين رضا الناس، فقد يرضون أو لا يرضون، وهذا الإنسان سيعطل بالتالي قدراته وإنتاجه انتظاراً لما سيأتيه من الآخرين. العكس يجب أن يحدث، وهو تقدير تام للذات واحترام كبير له. وحين يقع هذا، فإن الآخرين تلقائياً سيتعاملون معك كإنسان واثق من نفسه مقدرٌ لذاته.. هكذا هي الحياة والبشر، فانظر ماذا ترى.