بماذا سألقى الله عزّ وجلّ؟

اختلف النّاس ولا يزالون مختلفين في قضايا كثيرة ومسائل عديدة...

الله عزّ وجلّ
نشرت : المصدر الخبر الجزائرية الخميس 11 ديسمبر 2014 10:56

ولكنّهم لم يختلفوا أبدًا في أنّ ما منّ حياة وجدت على هذه الأرض إلاّ انتهت في أجل مسمّى، وما من مخلوق دبّ على هذه البسيطة إلاّ توفّاه الله بعد مدّة تطول وتقصر.

 وهذا الإجماع على حقيقة الموت واليقين في إدراكه كلّ نفس منفوسة كان يفترض في بني البشر -المؤمنين بالخصوص- أن تكون هذه الحقيقة هي البوصلة الّتي توجّه حياتهم، وأن يكون هذا السّؤال: ”بماذا سألقى الله عزّ وجلّ؟ وكيف سألقى الله تبارك وتعالى؟” حاضرًا في أذهانهم كلّ وقت، وعلى ذكر منهم في كلّ حين. إنّ ممّا يعين الإنسان على النّجاح في الجواب على هذا السّؤال الجوهريّ المصيريّ، فهمُ حكمة الخلق، وحكمة الموت والحياة، وقد جلاّهما القرآن أبين جلاء، وبيّنهما أوضح بيان؛ فقال الله جلّت حكمته في بيان حكمة الخلق: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}، وقال في بيان حكمة الموت: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور}، ولا يخفى أنّ المقصود واحد والغرض متفق، وهو التّأكيد أنّ مِن حِكم الخلق: الامتحان والاختبار، إذ معنى {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}: جَعَلَ لَكُمْ هاتينِ الحالتَيْنِ ليبلوَكم، أي ليختبرَكم في حالِ الحياةِ ويُجَازِيكُم بَعْدَ الممات.
قال العلامة ابن عاشور رحمه الله: ”والمعنى: أنّه خلق الموت والحياة ليكون منكم أحياء يعملون الصّالحات والسَّيِّئات، ثمّ أمواتًا يخلصون إلى يوم الجزاء؛ فيجزون على أعمالهم بما يناسبها.. وفي الكلام تقدير: هو الّذي خلق الموت والحياة؛ لتحيوا فيَبلُوكم أيّكم أحسن عملاً، وتموتوا فتجزوا على حسب تلك البَلْوَى، ولكون هذا هو المقصود الأهم من هذا الكلام قدّم الموت على الحياة”.
إنّ قصر الابتلاء والامتحان فيما ابتلي فيه النّاس، على الأعمال الحسنة إشارة إلى ما يجب أن يكون منهم، وهو العمل في ميدان الإحسان وحده، والتّنافس في الإحسان دون غيره.. فالمهم هو إحسان العمل بغضّ النّظر عن قدره وكمّيته؛ ولهذا لم يَقُل: أيّكم أكثر، ولم يُشِر إلى الكثرة لا من قريب ولا من بعيد، حتّى يحرص كلّ واحد منّا على أن يلقى الله ولو بعمل واحد ”أحسن”.
ثمّ ماذا سيكون لو يلقى العبدُ ربَّه سبحانه بعمله الّذي هو أسوأ؟ لا شكّ هو الخسران المبين والضّلال البعيد؟ ولا ريب عندها ستصير الحياة لمَن كان هذا حاله وبالاً، والموت هلاكًا، ومع هذا تسيطر الغفلة على كثيرين؛ فيفكّرون في كلّ شيء، ويخطّطون لكلّ شيء، ويهتمون لكلّ شيء، ويضحّون في سبيل كلّ شيء، ولا يُبالون بعد ذلك كيف سيلقون الله عزّ وجلّ؟ ولا يبالون بماذا سيلقون الله عزّ شأنه؟ إنّ هؤلاء يصدق فيهم قول الله جلّ في علاه: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا *  الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}، فالخاسر اسم عام يقع على كلّ مَن عمل عملاً لا يجزى عليه؛ فيقال له: خاسر، كالرّجل الّذي إذا تعنّى وتعب في أمر فلم يحصل منه على نفع قيل له: خاب وخسر؛ لأنّه كمَن أعطى شيئًا ولم يأخذ مقابلاً له. وهل هناك أخسر ممّن خسر في أعظم امتحان؟ وفشل في أخطر اختبار؟ وجاء ربّه خالي الوفاض من الإحسان، مُثقلًا بالسّيِّئات؟

كلمات دلالية : الله عزّ وجلّ

آخر الأخبار


تابعوا الهداف على مواقع التواصل الاجتماعي‎

الملفات

القائمة
12:00 | 2021-08-01 أديبايور... نجم دفعته عائلته للانتحار بسبب الأموال

اسمه الكامل، شيي إيمانويل أديبايور، ولد النجم الطوغولي في 26 فيفري عام 1984 في لومي عاصمة التوغو، النجم الأسمراني وأحد أفضل اللاعبين الأفارقة بدأ مسيرته الكروية مع نادي ميتز الفرنسي عام 2001 ...

07:57 | 2020-11-24 إنفانتينو... رجل القانون الذي يتسيد عرش "الفيفا"

يأتي الاعتقاد وللوهلة الأولى عند الحديث عن السيرة الذاتية لنجم كرة القدم حياته كلاعب كرة قدم فقط...

23:17 | 2019-09-13 يورغن كلوب... حلم بأن يكون طبيبا فوجد نفسه في عالم التدريب

نجح يورغن كلوب المدرب الحالي لـ ليفربول في شق طريقه نحو منصة أفضل المدربين في العالم بفضل العمل الكبير الذي قام مع بوروسيا دورتموند الذي قاده للتتويج بلقب البوندسليغا والتأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، وهو ما أوصله لتدريب فريقه بحجم "الريدز"...

خلفيات وبوستارات

القائمة

الأرشيف PDF

النوع
  • طبعة الشرق
  • طبعة الوسط
  • طبعة الغرب
  • الطبعة الفرنسية
  • الطبعة الدولية
السنة
  • 2021
  • 2020
  • 2019
  • 2018
  • 2017
  • 2016
  • 2015
  • 2014
  • 2013
  • 2012
  • 2011
  • 2010
  • 2006
  • 2003
  • 0
الشهر
اليوم
إرسال