كشف إطارات بمؤسسة أجهزة القياس والمراقبة بمدينة العلمة في ولاية سطيف، النقاب عن تجاوزات بالجملة داخل المجمع، إذ باتت الانقطاعات الكهربائية الكثيرة عبر الوطن وانفجار العدادات، محل استفهامات موجهة بأصابع الاتهام إلى ورشات المؤسسة التي صارت لا تتحكم في نوعية المنتوج وتفضل استيراده بطرق مشبوهة من الصين، فيما تكتفي بوضع علامة “صنع في الجزائر” لتغطية عجزها عن صنع أبسط قطع الغيار ولو كانت من البلاستيك داخل ورشات المؤسسة.
تحصلت “الخبر” على وثيقة رسمية صادرة من رئيس دائرة الإمدادات والمكلف بعمليات العبور والجمركة على مستوى مؤسسة القياس والمراقبة في العلمة، يحذر فيها بشكل صريح بتاريخ 21 أفريل 2008، من خطر استيراد قطع غيار إلكترونية من الصين الشعبية تدخل كلها في صناعة العدادات الكهربائية، غير أنها تعبر التراب التونسي لتوضع عليها علامة “ساجام” الفرنسية التي تعاقدت معها مؤسسة القياس والمراقبة الجزائرية، في حين لا يوجد أي مصنع لتركيب وإنتاج مثل هذه القطع في تونس.
وتدفع عينة من الفواتير التي تحصلت عليها “الخبر” إلى طرح الكثير من الأسئلة حول عدم خروج قطع الغيار من نقطة عبور واحدة ما دامت موجهة إلى مؤسسة عمومية معروفة، فمنها قطع غيار إلكترونية دخلت الجزائر يوم 18/04/2008 عبر النقطة الحدودية “الحدادة” في ولاية سوق أهراس على متن شاحنة تابعة لأحد الخواص، فيما دخلت قطع الغيار البلاستيكية يوم 25/04/2008 عبر النقطة الحدودية “العيون” في ولاية الطارف مع أن فاتورة السلعتين أنجزت في يوم 29/02/2008، وتقدر تكلفة قطع غيار العداد الكهربائي بحوالي 29 أورو فقط تم استيرادها من تونس، ما يؤكد فرضية التحايل بغرض الاستفادة من التحفيزات الجمركية في إطار التبادل التجاري بين الدول العربية.
من جهة أخرى، يبقى التعامل مع التعريفة الجمركية لمنتوج مستورد موجه للتركيب محل استفهام، وما دام المتعامل تونسيا والتسديد يتم عبر البنك فكيف يمكن الدفع بالعملة الأوروبية بدل الدينار التونسي.
في قراءة لكرونولوجيا حوادث انفجار العدادات الكهربائية عبر الوطن، فإن تزايد وتيرتها في السنوات الخمس الأخيرة يؤكد الخطر الكبير للعدادات على الصحة العامة، خاصة أن العديد من الولايات أحصت العشرات من حوادث انفجار العدادات دون فتح أي تحقيقات معمقة في ذلك. ففي ولاية قسنطينة أحصت مصالح الحماية المدنية انفجار 211 عداد خلال سنة 2007، ووصل عدد الانفجارات إلى أربعة أضعاف خلال هذه السنة، فيما أكدت المصالح ذاتها أن ولاية البليدة لوحدها أحصت سنة 2009 احتراق 275 عداد ثم ارتفع العدد سنة 2010 إلى 327 ثم 334 عداد في 2011، فيما وصل إلى 160 عداد خلال السداسي الأول من السنة الحالية.. دون أن ننسى ضحايا هذه الانفجارات، حيث يحتفظ أرشيف الحماية المدنية بوفاة 5 أشخاص في 27/09/2007 بسبب انفجار مجموعة من العدادات الكهربائية في ولاية البويرة، زيادة على عشرات الإصابات بحروق خطيرة في العديد من الولايات، فيما تعترف المديرية العامة للحماية المدنية في العاصمة بأنها لا تملك إحصاءات دقيقة حول حوادث انفجار العدادات الكهربائية، بل تكتفي بتصنيفها كحرائق عامة فقط.
“حماية المستهلك”: ننتظر تحرك وزارة التجارة
من جهة أخرى، وفي اتصال مع رئيس جمعية حماية المستهلك بسطيف، عز الدين شنافة، أكد أن منظمته وضعت اللمسات الأخيرة لإيداع شكوى قضائية في حق المؤسسة بسبب الأضرار التي تلحق المستهلكين، زيادة على مراسلتها الرسمية لوزير التجارة من أجل فتح تحقيق في القضية، خاصة أن خبراء في السلامة والأمن أكدوا على أن من شروط صناعة وتركيب العداد الكهربائي، أن يكون غير قابل للاشتعال أو الانفجار، ولا يمكن أن يحدث أي مضاعفات في حال وجود اضطراب في التيار الكهربائي سوى الذوبان بشكل سريع للحفاظ على أمن المكان وسلامة المستعملين.
مدير المؤسسة الوطنية: نحن ضحايا التقليد
وفي ذات السياق، صرح المدير العام للمؤسسة الوطنية لأجهزة القياس والمراقبة، عبد النور حمودة، لـ”الخبر”، أن مصالحه أودعت هي الأخرى شكاوى رسمية لدى مختلف الجهات المعنية تطالب فيها بالتحقيق حول دخول أجهزة قياس آسيوية الصنع لا تتوفر على مواصفات السلامة الكافية تحمل علامة الشركة التجارية، نافيا أن تكون عدادات الشركة سببا في حدوث الانفجارات التي شهدتها مختلف ولايات الوطن، مؤكدا أن تحقيقات كثيرة فتحت لمعرفة أسباب هذه الحوادث غير أنها جاءت خالية من أي اتهامات للشركة، خاصة أنها تمتلك العديد من شهادات الجودة والنوعية من مخابر عالمية ووطنية، زيادة على شهادات المراقبة الدورية لمصالح سونلغاز ووزارة التجارة وغيرها، ما أهلها لأن تكون من أولى الشركات وطنيا وتحقق أرباحا صافية وصلت إلى 666 مليون دينار سنة 2011 بعدما أشرفت على الإفلاس في بداية سنة 2000.
كلمات دلالية :
عدادات كهربائية قاتلة