على الرغم من أن الجالية الجزائرية في الخارج تعتبر الأكبر على مستوى الدول المغاربية، إلا أن ما تجنيه البلاد من عملتها الصعبة لا يزال دون ما يمكن أن يقدمه الملايين الستة من الجزائريين الذين يقيمون في فرنسا، دون احتساب الآخرين الموزعين في كندا ودول الخليج العربي وبقية البلدان الأوربية.
وتقدر قيمة التحويلات المالية من العملة الصعبة للمهاجرين الجزائريين نحو بلدهم نحوملياري دولار خلال السنة المنصرمة، بحسب آخر إحصاء قدمه البنك العالمي، وهو رقمضئيل لا يرقى إلى حجم الجالية. فأين يكمن الخلل ومن يتحمل المسؤولية؟
لا يمكن أن يستفيد أي بلد من العملة الصعبة التي يذرها مهاجروه، إلا إذا بقيت جالية هذاالبلد على تواصل مع وطنها الأم، غير أن هذا الأمر يتطلب جملة من التسهيلات يفترض أنتقوم بها حكومة البلد الأم من أجل تسهيل حركة تنقلاتهم من وإلى الدولة التي يقيمون بها.
غير أن هذه التسهيلات غائبة تماما عن الجالية الجزائرية مقارنة بالدول المجاورة تونسوالمغرب، اللتين يقوم اقتصادهما على السياحة. فعلى الرغم من حرص الجالية الجزائريةبالخارج، على قضاء عطلتها الصيفية ببلادها وسط أهلها وأقاربها، إلا أن تجاهل السلطاتلاستغاثات جاليتها زاد من تعقيد العلاقة.
ويمكن الوقوف على إهمال السلطات لجاليتها بالخارج من خلال جملة من المعطيات، أولهاالأسعار المعمول بها في وسائل النقل الجوية والبحرية. فالمهاجر الذي يتنقل إلى الجزائربسيارته يتحتم عليه تسديد ما يفوق الـ 1500 أورو، أما إذا كان برفقة عائلته من أربعةأفراد مثلا فيمكن أن يتخطى الرقم ثلاثة آلاف أورو، وهو رقم معتبر سيما في ظل الأزمةالاقتصادية التي تعاني منها أوربا في السنوات الأخيرة.
كما تبقى الأسعار المفروضة من قبل الخطوط الجوية الجزائرية، خاصة عبر خطوطها نحوفرنسا، حيث توجد أكبر جالية جزائرية بالخارج، غير منصفة ولا تراعي حاجة البلاد لجاليتها،مثلما لا يشجع على الشعور بالانتماء إلى هذا الوطن، فسعر خط الجزائر ـ باريس، يعتبرالأغلى في العالم ويفوق حتى سعر خط باريس بانكوك (عاصمة تيلاندا) الذي يمتد على طولآلاف الكيلومترات، حسب دراسة دولية.
وبينت هذه الدراسة أن متوسط سعر الكلومتر الواحد من باريس إلى بانكوك بلغ 0.04 أوروفي حين بلغ سعر الكيلوميتر في خط باريس ـ الجزائر إلى 0.14 أورو، ما يعني أنه لو طبقسعر خط بانكوك ـ باريس، على خط الجزائر ـ باريس، سيكون سعر التذكرة في حدود 108أورو، غير أنه بالسعر المعمول به يعادل 550 أورو (حوالي 8 ملايين سنتيم).
واللافت أيضا أنه حتى التسهيلات في نقل جثامين الجزائريين من الخارج لا تقل غلاء عنتذاكر السفر، في ظل غياب آليات لمعالجة هذه المعضلة، إذ وعلى الرغم من الاتفاقيات التيأبرمت بين شركات تأمين جزائرية وفرنسية لتنظيم العملية، إلا أن ذلك لم يحل دون تعرضبعض الجثامين للحرق في فرنسا وفي غيرها من الدول الأوربية، بسبب غياب التراخيصلدفنها هناك.
كلمات دلالية :
المهاجرون