بعد أن قضت محكمة عبان رمضان، أمس، بحبسهما 6 أشهر غير نافذة، بتهمة التجمع غير المسلح وغير المرخص، ما يعني في العرف القانوني إطلاق سراحهما مع الإبقاء على المتابعة.
تسمر جميع من كان ينتظر إطلالة محند أمام بوابة سجن سركاجي، لكن القائمين على السجن أبلغوا والده أنه لن يغادر الأبواب قبل الساعة الخامسة مساء. كان التوقيت حينها حوالي الساعة الثانية والنصف مساء، فانتشر أصدقاء محند وعائلته في محيط السجن القريب من القصبة واختاروا أحد مقاهيها لتمضية وقت الانتظار.
فجأة على الساعة الثالثة و7 دقائق مساء، دخل الشاب الذي طال انتظاره المقهى. هرعت العائلة والأصدقاء ومن كان يترقبه من الصحفيين إلى محاصرته والسلام عليه. طارق المناضل في حزب العمال الاشتراكي وأحد أصدقاء محند، أطلق زفرة طويلة وهو يقول: “هو بصحة جيدة هذا هو الأهم بالنسبة إلي”.
كان محند يرتدي تبانا أزرق وبدا في صحة جيدة. وقد ظهر حليق اللحية التي اشتهر بها في الصور التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي للتحسيس بقضيته. بادرته “الخبر” بالسؤال “كيف الحال محند وكيف عاملوك في السجن؟”، كان رده مختصرا وواضحا: “عاملوني كالمحبوس”. هنا تدخل والده الذي كان طيلة اليوم الذي رافقناه فيه على الأعصاب ليطلب منا بلباقة عدم مواصلة الكلام معه وتركه يرتاح.
بيد أن إلحاح الصحفيين تواصل على الشاب فافتكوا منه بعض الكلمات القليلة. أصر محند على أنه “لم يفعل أي شيء يوجب إيداعه سركاجي”. وعاد إلى حادثة اعتقاله قائلا “في ذلك اليوم (17 أفريل) تنقلت لشراء سجائر فلاحقوني ثم اعتقلوني ووجدت نفسي بعدها في مركز للشرطة يسألونني عن المخابرات والتخابر والتجسس، ثم نقلوني بعد ذلك إلى سركاجي”. يصمت الشاب ثم يقول بنبرة متأثرة “هذا لم يكن سهلا”.
وواصل “محند” الذي بلغته داخل السجن أصداء التعبئة التي قام بها المتعاطفون معه للتحسيس بقضيته قائلا: “أريد أن أشكر التجمع الذي دافع عني حتى اللحظة الأخيرة والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، وخاصة جمعية عمل الشبيبة “راج” التي كانت حاضرة بقوة في الصحافة”. وكان في استقبال الشابين أيضا أميرة بوراوي وجعفر خلوفي عن حركة بركات. في غمرة اهتمام الحاضرين بالاستماع لمحند وتهنئته بالخروج، تساءلت الناشطة في التجمع من أجل إطلاق سراح الشابين، نصيرة سعيدي، عن مصير الشاب التونسي الآخر معز بن نصير. وكان جواب عدد من القانونيين الحاضرين، أن القانون يفرض عليه المرور على مركز للشرطة قبل إطلاق سراحه مادام أجنبيا، وهو ما أراح الكثير من المتعاطفين مع هذا الشاب خاصة بعد إسقاط تهمة التجسس عنه.
وكانت جمعية تجمع عمل الشبيبة “راج” والتجمع من أجل إطلاق سراح الشابين، قد أصدرا بيانا أمس، اعتبرا فيه “أن قرار توقيف وسجن هذين الشابين البريئين، قد تم بطريقة تعسفية مثلما أثبته بوضوح فريق المحامين خلال مرافعاتهم حول القضية يوم 11 ماي 2014”. ودعا البيان إلى “مواصلة التعبئة من أجل إطلاق سراحهما غير المشروط ووقف كافة إجراءات المتابعة في حقهما”. مؤكدا أن “هذه الحلقة السياسية القضائية تأتي لتُذكر بأن المعركة من أجل عدالة مستقلة بعيدة عن الاعتبارات السياسية مازالت متواصلة، ولا يمكن وقفها عقب هذا الانتصار غير المكتمل”.