بل الأصل أن يكون هذا الحب طريقاً للحب الأكبر وهو حب الخالق جل وعلا، فمن أحبّ إنساناً في الله تعالى من السنة أن يلتقي به وأن يقول له إني أحبك في الله، فهذا التصريح من شأنه أن يحدث الأثر العجيب في علاقات المسلمين، وعلى من سمع هذا القول من أخيه أن يرد عليه بالقول، أحبك الله الذي أحببتني فيه. فضائل الحب في الله وثماره ذكر النبي عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الشريفة فضل الحب في الله، ومن فضائله وثماره أنّه إذا كان في قلب المسلم حقيقة استشعر حلاوة الإيمان ولذته؛ ففي الحديث الشريف الذي صحّ عن النبي عليه الصلاة والسلام بما معناه أنه من كانت فيه خصال ثلاث وجد حلاوة الإيمان ومنها أن يحب الإنسان أخيه لا يحبه إلا لله تعالى، كما أنّ من فضائل الحب في الله تعالى أن الله سبحانه وتعالى يرضى عن المتحابّين فيه؛ بحيث يكونون من الذين يظلّهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن ظلهم الله تعالى بظله سعدوا فلم يبأسوا أبداً.
لقد استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تأليف قلوب الكفار والمشركين في مكة والمدينة، بعد أن كانوا أعداء يضرب بعضهم عنق بعض، وبعد أن كانوا يكيدون للإسلام كل الكيد، وهذا ما فعله مع عظماء المشركين بالكلمة الطيبة وبالمال، وكذلك ما فعله مع الأوس والخزرج، وعندما دخل مكة فاتحًا قال لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
وعندما تتآلف القلوب تصبح كأنها قلب رجل واحد، وهذا ما ورد في قوله الرسول صلى الله عليه وسلم: (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف)، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المؤمن ألف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف).
وعندما تتآلف القلوب، يتحاب أصحابها، ويصبحوا إخوانًا في الله، يحبون في الله، ويبغضون في الله، يعطون لله، ويمنعون لله، وإذا أحب العبد الله ورسوله صدقًا أحبه عباد الله الصالحين وهذا ما يطلق عليه: الحب في الله، ولقد ورد في هذا المقام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حقت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ على منابر من نور، يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء).