إن من أسماء ربنا " الرحمن – الرحيم – الرؤوف – الودود – الجواد – المحسن .. " وكلها توحي لك بظلال الرحمة والمحبة لهذا الرب جل في علاه .
ونبينا صلى الله عليه وسلم كان هو الرحمة المهداة وهو صاحب القلب الكبير والرحيم واللين والمحسن وغير هاتيك الصفات الإنسانية التي تراها واضحة في شخصية نبينا عليه الصلاة والسلام .
وحتى يزول الضباب عما تمت قراءته أقول لك :
ألا تتعجب معي من ذلك الأب الذي قسا قلبه فتراه يهمل أسرته ويبخل بوقته وماله وعاطفته عن صبية صغار يؤيهم ذلك المنزل ؟.
ثم ألا تستغرب من ذلك المسؤول الذي يملك قلباً يشابه الحجر في صلابته فتراه مع موظفيه قاسياً متكبراً متغطرساً يبحث عن حظوظه وأهدافه ، ويسعى لأن يستفيد من كرسيه لتحقيق مآربه فقط ، وأما خدمته للمراجعين وتيسير أمور الناس وخدمتهم ومساعدتهم وتفريج همومهم فلا وألف لا .
وهناك في هذا المنزل ابن تنكر لمعروف والديه ، ولما بدا له شاربه ونما جسمه إذ بك تراه رافعاً صوته على والديه بل وقد هم بضربهما في أحايين كثيرة .
وهذا صاحب مال كثير يجمع ويجمع ولكنه يمنع ويمنع ، فلايؤد زكاته ، ولايرحم به فقيراً ولامسكيناً ، فهو البخيل الشحيح ، يعبد ماله عبادة لا مثيل لها ، أليس له قلب ، أين روحه عن أولئك اليتامى؟ ألم يسمع بصيحات الثكالى والأرامل ؟ بلى يسمع ، ولكن القلب لا يعي ولا يدرك ولا يشعر .
وهذه زوجة سكنت في منزل زوجها ولم تسكن في قلب زوجها ، جامدة المشاعر والعواطف، تطلب ماتريد بكل إلحاح وسلاطة لسان ، ناكرة لزوجها جاحدة لحسناته ، لا غرابة فلها جسد لا روح فيه ، فكيف تعترف بفضل زوجها الذي أسكنها منزله وأسبغ عليها بماله ، يذهب بها حيث شاءت ويطعمها من كل مكان ، ولكنك تتعجب من شأن تلك الزوجة القاسية ، لا كثر الله في النساء من مثلهن .
ولن ننس ذلك الزوج الذي رمى بروحه ومحبته وعاطفته إلى أصدقائه فهو حبيب لهم رحيم بهم كريم عليهم ، لكنك لن تجده في البيت إلا وحشاً كاسراً ، جسد لا روح فيه ، أسرته يتمنون خروجه بل وخروج روحه من بذاءة ألفاظه ، وجمود مشاعره ، وعشقه لهمومه ونسيانه لهمومهم مشغولاً بأصحابه يحقق أمنياتهم على حساب أمنيات أسرته، وتراه خارج منزله بجسده وروحه ولك أن تعيش معه لحظات لتكتشف الجرائم التي انبعثت منه في خلال الأيام الماضيات .
وأما إن سألت عن قاطع رحمه، فهل له روح؟
فالجواب: لا ، بل لقد أصابته نفحة من عذاب الله على قلبه (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).
كيف يعيش قاطع رحمه ؟! جسد يمشي وروح تتعذب بالهموم والأحزان وزوال البركات ، فيا أيها القاطع : أين روحك ورحمتك بإخوتك وأخواتك ، وهل من نظرة لعمتك وأعمامك ، وهل من ابتسامة لخالتك وأجدادك؟ عُد لهم بقلب محب، وابك على قطيعتك وهجرانك، ولعل الله أن يغفر لك ما مضى .