وإنما يقسو القلب إذا فسد، وفساده يكون لأسباب هي :
1- البعد عن طاعة الله والاشتغال بمعصيته، فهذا كما ذكرنا يظلم نور القلب، ويملأه بالران الذي يحول بينه وبين الحق ، ويكون سببا في فساده وغلظته .
2- التعلق بالدنيا والحرص عليها وطول الأمل .
قال سيار أبو الحكم : الفرح بالدنيا والحزن بالآخرة لا يجتمعان في قلب عبد، إذا سكن أحدهما القلب فر الآخر .
3 - نسيان الآخرة وما فيها من نعيم : فإن نسيانها يفوت على المرء لذاذة التذكر، وتجدد العزيمة بالتفكر في نعيم الجنة وما أودع الله فيها لعباده الصالحين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
عن خالد بن معدان قال : ما من عبد إلا وله عينان في وجهه يبصر بهما أمر الدنيا، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة، فإذا أراد الله بعبد خيرا، فتح عينيه اللتين في قلبه، فأبصر بهما ما وعد الله بالغيب، وإذا أراد الله به غير ذلك تركه على ما فيه، ثم قرأ : " أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ".
2- الاشتغال بما يفسد القلب : ومفسدات القلب خمسة وهي :
أ- كثرة المخالطة التي ليس من ورائها إلا الضياع والعذاب، كمخالطة السفهاء والأشرار، ومخالطة الناس في الحرام كالغيبة والنميمة ... ومخالطتهم في المباحات، فإن هذا النوع من المخالطة من أعظم أسباب قسوة القلب، وعلى المسلم أن يتجنبها وينعزل بنفسه وجسده، فإن لم يستطع فبشعوره ! .
ولا تجلس إلى أهل الدنايا فإن خلائق السفهاء تعدي
عن النواس بن سمعان ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى الصراط داع يدعو يقول : يا أيها الناس ! اسلكوا الصراط جميعا ولا تعوجوا وداع يدعو على الصراط، فإذا أرد أحدكم فتح شيء من تلك الأبواب قال : ويلك ! لا تفتحه فإنك إن تفتح تلجه فالصراط : الإسلام، والستور : حدود الله، والأبواب المفتحة : محارم الله والداعي من فوق : واعظ الله يذكر في قلب كل مسلم".