تأمل قوله تعالى (يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه . وصاحبته وبنيه . لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه).. ستجد مشهد الذهول والبحث عن النفس والنفس فقط يوم القيامة، يوم أن يذهل كل أحد عن أحب وأغلى ما لديه، أو ما كان عنده ويملكه في الدنيا.
لاحظ ترتيب الأرحام والعلاقات في الآية.. الأخ، الأم، الأب، الزوجة وأخيراً الأبناء.. ستجد أن الإشارة واضحة في الترتيب، وأن قوة علاقة الإنسان بهؤلاء ودرجة القوة والقرب تتفاوت بدءاً من الأخ وانتهاءً بالأبناء.
الأخ هو الملجأ بعد الله لأخيه. الأخ والأخت هما مخازن أسرارك، وهما عونك وعضدك ونصيرك. علاقتك بهما تفوق أي علاقة أخرى. تفوق علاقة المرء بالزوج أو الأبناء. تفوق أيضاً في جانب السند والتعاضد، العلاقة مع الوالدين.
من هنا إن كان لك أخ أو أخت، فاحرص عليهما. عض عليهما بالنواجذ. لا تفرط في علاقتك بهما. لا تدع ما يتسبب في فتور العلاقة أو حدوث شروخات وتصدعات. لا تدع منفذاً للشيطان يدخل منه للتفريق بينك وبين أخيك أو أختك. أخوك هو مرآتك. ترى نفسك من خلال أخيك.
موسى عليه السلام حين أراد المعونة من الله في تحمّل الرسالة وتبعاتها، قال (واجْعل لّي وزيرًا من أَهلي . هارُون أَخي . اشْدُدْ بهِ أَزري . وأَشْركْهُ في أَمْري)، لم يقل أو يسمي أحداً من أهله وأقاربه وأرحامه، بل قال هارون أخي.. لماذا؟
ليسنده ويشد الظهر به ويشاركه الأمر والحمل الثقيل، الذي لا يقدر عليه سوى الأخ، والأخ فقط.