لم تمر ليلة المولد النبوي الشريف بردا وسلاما على عشرات العائلات الجزائرية التي تضرر أبناؤها بآثار المفرقعات التي عمّت الأجواء، حيث سجلت عشرات الإصابات البليغة على مستوى الجلد والعيون على مستوى مصالح الاستعجالات والمناوبة التي تجنّدت عبر مختلف المؤسسات الاستشفائية تحسبا للإصابات التي تعودت على استقبالها سنويا في مثل هذه المناسبات.
وكشف البروفيسور، سالمي أمين، رئيس مصلحة الاستعجالات الطبية والإنعاش الطبي بمستشفى مصطفى باشا الجامعي لـ"الشروق" عن استقبال مصلحته لـ15 شابا جزائريا تأثروا بمضاعفات جانبية بسبب المفرقعات.
وقال المختص إن الإصابات لم تكن خطيرة في العموم ماعدا حالتين معتبرتين، حيث أخضعوا للإسعافات الأوّلية.
وحسب سالمي، فإن الإصابات تراجعت بنسبة 60 بالمائة مقارنة مع السنوات الفارطة، مرجحا أن يكون السبب في ذلك هو الاضطرابات الجوية ومختلف عمليات التحسيس والتوعية بمخاطر المفرقعات.
وأثنى المتحدث على الأمر، مؤكدا أنه يعكس وعيا هاما للأولياء وعلاقتهم بأبنائهم.
من جهته، أكّد براهيمي، الأمين العام لمستشفى نفيسة حمود "بارني" سابقا أنّ مؤسسته استقبلت نحو 30 حالة إلى غاية منتصف نهار الجمعة، حيث استقبلت مصلحة طب العيون 20 حالة بينهم 3 يخضعون للاستشفاء بسبب الإصابة البالغة على مستوى الجفن والقرنية.
وبدورها استقبلت مصلحة جراحة الأطفال بذات المستشفى 10 حالات تراوح سنها بين 12 شهرا و13 عاما، وخصت الإصابة الأولى رضيعة في عامها الأولى انجر عنها حروق على مستوى الفخذ بعد أن ألقى عليها طفل آخر مفرقعة في البيت، فيما بتر إصبع بعض الأطفال بسبب تضررهم من المفرقعات التي تضاهي "القنابل اليدوية".
وصبّ رأي براهيمي، في نفس الاتجاه بخصوص تراجع عدد الحالات المستقبلة مقارنة مع السنوات الماضية، وهو ما أرجعه إلى الاضطرابات الجوية التي حالت دون خروج كثير من الشباب والأطفال.
وقال براهيمي إنه تم تعزيز الفريق الطبي المناوب، حيث جند الجميع وتم إسعاف كافة الإصابات في الوقت اللازم مؤكدا أن الاستعدادات متواصلة إلى غاية مساء اليوم السبت.
وبعيدا عن المستشفيات الجامعية استقبلت بعض المؤسسات الصحية الجوارية حالات متفاوتة لإصابات سطحية أسعفت في حينها، غير أنها حسب الأطباء تراجعت مقارنة مع ما ألفوه في السنوات الماضية.
وسبق لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات التحذير من الحوادث الخطيرة التي قد تنجم عن استعمال الألعاب النارية والمفرقعات التي تزداد وتيرتها مع حلول المولد النبوي الشريف، مذكرة بأن هذا النوع من الممارسات قد يودي بحياة الأفراد ويحوّل الاحتفال إلى مأساة.
وفي بيان لها، وجهت وزارة الصحة سلسلة من النصائح بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف الذي تزامن مع نهاية الأسبوع الجاري، حيث جددت تذكيرها بالأخطار التي تنطوي عليها الألعاب النارية مثل الحرائق والصخب الناجم عن انفجارها الذي قد يؤدي إلى إتلاف السمع، فضلا عن آثاره السلبية على راحة الأفراد (القلق والإزعاج) خاصة بالنسبة للمسنين والمرضى والحوامل والأطفال.
كما يمكن لهذا النوع من الألعاب، حسب المصدر ذاته، التسبب في إصابة الأشخاص الذين يتعاملون مباشرة مع هذه المواد المحرقة أو إلحاق الضرر بالآخرين، حيث قد ينجم عن ذلك فقدان الأصابع أو الإصابة بالعمى، علاوة على الحروق شديدة الخطورة التي غالبا ما تصيب الأصابع والأذرع والأعين والوجه،
يستعملون فيها روح الملح و"البيكاربونات" والأليمنيوم
أطفال يصنعون قنابل حارقة
انتشر خلال احتفالات المولد النبوي الشريف ظاهرة غريبة في أوساط التلاميذ الابتدائي والإكمال، الذين باتوا يلجؤون إلى حيل لصنع مفرقعات تقليدية بمواد جد خطيرة كروح الملح "ليسبري دسال" وأوراق الألمنيوم والبيكاربونات والرمال.
لم تغن ارتفاع أسعار مختلف الألعاب النارية من المفرقعات والشماريخ هذه السنة، من لجوء أطفال العائلات متوسطة الدخل التي لم تتمكن من اقتنائها، إلى صنع مفرقعات بروح الملح مع إضافة الألمنيوم والبيكاربونات أو الرمال ثم يقومون بتحريكها وقذفها لتسبب انفجارا دويا، وخلال جولة قامت بها الشروق بأزقة بعض الأحياء الشعبية بالعاصمة عبرت عائلات عن استيائها من هذه التصرفات غير الأخلاقية، حيث تسببت هذه المفرقعات التقليدية بهلع وخوف كبيرين وسط المارة، بالإضافة إلى حروق خطيرة على جلد المصاب برشاتها. ومنعت بعض الأمهات أطفالها الصغار من اللعب في الشارع خوفا من إصابتهم بأي مكروه جراء المفرقعات.
وأفادت أستاذة بمتوسطة في الشراقة في تصريح للشروق أن بعض التلاميذ صنعوا مفرقعة بقارورة روح الملح وقذفوها من على الجدار الخارجي للإكمالية، وكادت أن تصيبها على مستوى عينها عندما كانت متواجدة بساحة المؤسسة، على إثرها خرجت رفقة الحارس وشاهدت بعض التلاميذ متلبسين يفرقعون قارورة أخرى بالقرب من الإكمالية، وطلبت المتحدثة من أولياء التلاميذ مراقبة سلوك أطفالهم لتفادي تصرفاتهم الطائشة والعنيفة، التي قد تكون سببا لطردهم النهائي من مقاعد الدراسة.
مركز تطوير الطاقات المتجددة يكشف:
المفرقعات تزيد التلوث البيئي بخمس مرات ليلة المولد النبوي
تضاعف المفرقعات والألعاب النارية التي تغزو سماء الجزائر من التلوث البيئي الذي يهددا على مدار السنة بفعل سلوكات غير مسؤولة وغير مدروسة لأغلب المواطنين. وحسب ما أكّده مرابط حمزة باحث في مركز تطوير الطاقات المتجددة ليلة المولد النبوي الشريف لوسائل الإعلام فإن التلوث البيئي والجوي على وجه الخصوص يزيد بخمس مرات عما يسجل في بقية الأيام العادية، حيث يزيد تركيز الكربون الأسود في الهواء عن 6 ميكروغرام في المتر المكعّب الواحد.
ويتم ذلك بفضل استعمال جهاز متطور لقياس تركيز الكربون الأسود في الهواء، حيث يؤدي الاستعمال المفرط للمفرقعات خلال إحياء المولد النبوي الشريف إلى أضرار كبيرة على الصحة العمومية وعلى نوعية الهواء حسب ما أكده ممثل مركز تطوير الطاقات المتجددة.
وينعكس هذا التلوث بشكل كبير على القلب والرئتين وهما العضوان الأكثر تأثرا بمخلفات المفرقعات التي تتسلل إلى المريض فتعقّد حالته الصحية وتأزمّها.
الحماية المدنية سجلت 1600 حادث
حرائق تطال البيوت والسيارات بسبب المفرقعات
سجلت وحدات الحماية المدنية 2623 تدخل في عــدة مناطق مختلفة من الوطن، وهذا على إثر تلقي مكالمات الاستغـاثة من طرف المواطنين، هذه التدخلات شملت مختلف مجالات أنشطة الحماية المدنية سواء المتعلقة بحوادث المرور، الحوادث المنزلية، الإجلاء الصحي إخماد الحرائق والأجهزة الأمنية.
على هذا النحو سجلت عدة حوادث مرور منها 5 حوادث الأكثر دموية، تسببت في وفاة 9 أشخاص وإصابة 9 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة تم إسعافهم في مكان الحوادث ونقلهم إلى المستشفيات من طرف عناصر الحماية المدنية، وأثقل حصيلة سجلت صبيحة أمس في الساعة 8 صباحا بولاية باتنة بوفاة 4 أشخاص في مكان الحادث وإصابة 6 آخرين بجروح على إثــر اصطدام بين سيارتين على مستوى الطريق الوطني رقم 28، ببلدية تيلاتو دائرة سقانة .
كذلك تدخلت مصالح الحماية المدنية في نفس الفترة من أجل إخماد 7 حرائق حضرية، صناعية ومختلفة في كل من ولايات ورقلة، الشلف، قالمة، سكيكدة، المدية وسطيف، أدت هذه الحرائق إصابة 2 شخصين: الضحية الأولى مصابة بصعوبة في التنفس من جراء استنشاق دخان حريق شب على مستوى منزل بحي مختاري، في دائرة قصر البخاري بولاية المدية، أما الضحية الثانية مصابة بحروق من الدرجة الأولى، على إثر حريق شب بمحل تجاري بحي بن شغيب، ببلدية ودائرة قالمة، تم إسعاف الضحيتين في مكان الحادث ومن ثم تحويلهما إلى المستشفيات المحلية.
أما فيما يخص التدخلات المتعلقة بالاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، ومن جراء الاستعمال المفرط للألعاب النارية، فقد قامت وحدات الحماية المدنية لولاية الجزائر وسكيكدة بإخماد 6 حرائق منزلية وكذا مختلفة في ولاية الجزائر، تم إخماد 5 حرائق، منها 3 حرائق اندلعت في شرفات المنازل في كل من القبة ورويسو، 1 حريق لسيارة بباب الوادي، و1 حريق حافلة برويسو.
أما في ولاية سكيكدة، قامت مصالح الحماية المدنية بإخماد حريق شب بداخل 3 خيم بلاستيكية، بسبب رمي المفرقعات، على مستوى حي الأمل ببلدية سكيكدة..