وموكلة إلى نفسيات متقلبة هي غاية في التعقيد والغموض، لذا تجد الخطأ في حق أحدهم مشكلة كبرى قد لا تُغتفر، وقد تقضي الزلة الواحدة على أجمل العلاقات، فتشقي قلبين، قلب لم يتوقع الخطأ من صاحبه، لذا جُرح كبرياؤه حتى النخاع، وقلب مخطئ يدرك فداحة خطئه، فتراه يكد ويشقى من أجل محو هذا الخطأ والرجوع إلى ما وراءه لاستعادة العلاقة بينه وبين الطرف الآخر، قد ينجح وقد لا ينجح، وقد يبقى طوال عمره يستجدي الغفران ولا سبيل إلى ما يشتهي.
أما علاقتنا مع الله ـ ـ فهي أرقى العلاقات، فليس ثمة خطأ لا يغتفر، كل خطأ ـ صغر أم كبر ـ له ما يمحوه، وخلفه طرق للعودة، ومحطات للبدايات، ودروب للانعطاف إلى الطرق الرئيسية، وثمة أثواب تُنزع وأثواب نقية تُمنح، ليس بها من شوائب الماضي شيء، ذلك لأن الله ـ ـ رحيم بعباده.
وكلما زادت الرحمة في قلوب بني البشر على بعضهم كلما توطدت علاقاتهم وازدادت تماسكا، لذا لا عجب أن تجد الأم ـ وهي التي تُعد نموذج الرحمة البشري في حياة كل منا ـ تمنح أبناءها أكثر العلاقات دفئا، ذلك لأنها تعفو وتصفح، وتمحو الزلات ما استطاعت، وتمنح أبناءها فرصا تلو الفرص، لكن يبقى أن لهذه الفرص نهايات، تتفاوت من أم لأخرى بسبب بشريتها القاصرة عن الكمال.
لذا يمكننا أن نستنتج من آيات وأحاديث التوبة صفة الرحمة لله، فبمجرد إدراكنا أن الله تواب؛ لابد أن ندرك أنه رحيم، فمن شرع بابه لكل مخطئ ولكل عاص ولكل مجرم أيا كان جرمه؛ ومهما تكرر خطؤه؛ إنما هو رحيم، ورحمته وسعت كل شيء. فمسكين أنت يا من اتكأت على علاقاتك بالبشر، وضاعت حياتك وأنت متشبث بعلاقات تظنها سرمدية لا تتغير ولا تتقلب..
فهلا استدركت نفسك ووطدت علاقتك بأرحم الراحمين؟.
اللهم علق قلوبنا بك، واقطع رجائنا عمن سواك .. إنك سميع مجيب الدعاء.