نجدد التوبة قبل رمضان ﻷن التوبة منزلة عليّة من بلغها فقد بلغ الخير كله، يقول ابن القيم - رحمه الله - عن التوبة : "وهي أول منازل السائرين إلى ربهم وأوسطها وآخرها"
فهي ليست منزلة العصاة المجرمين بل هي منزلة اﻷنبياء المصطفين قال تعالى :"وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى".
فهي منزلة عزيزة منيفة من بلغها بلغ السؤدد والخير والرفعة وتهيئ أن يكون عبدا صالحا منيبا
- وهؤﻻء هم أهل جنة الرضوان - .
- نجدد التوبة قبل رمضان ﻷننا نرى من أنفسنا ومن غيرنا الحرمان من الخير في شهر رمضان فﻻ جد في العبادة ، وﻻ اجتهاد في القيام ، وﻻ صرف وقت للتﻻوة ، وﻻ يد تبذل الخير والمعروف ..
فحُرمنا خيرات بسبب عيشنا في ظلمات الذنوب ، فتجديد التوبة قبل رمضان أصبح أمرا ﻻزما حتى ﻻ نحُرم الطاعة فيه فنخسر خسارة ﻻ تعدلها خسارة .
- نجدد التوبة في رمضان وفي كل آن .
ﻷن الذنوب جراحات
- ورب جرح أصاب مقتل -
كثير منا يعصي ربه وﻻ يرى أثر ذنبه ومعصيته ويتعجب من هذا !
وما علم المسكين أن حرمانه من أثر الطاعة أعظم عقوبة يعاقب بها .
(أذنب عبد سنوات فناجى ربه ليلة فقال :
رب كم أذنبت وﻻ أرى لذنوبي أثراً ؟
فهتف به هاتف : ياعبدي...ألم أحرمك لذيذ مناجاتي )
فذنوبنا تحرمنا لذيذ المناجاة وحﻻوة الطاعة التي هي جنة الدنيا المعجلة .
فلذا كان ﻻزما علينا تجديد التوبة قبل رمضان .
- نجدد التوبة قبل رمضان ﻷن القلوب قست ، واﻷفئدة تصلبت وكأنها قدت من صخر ، فﻻ هي تخشع عند التﻻوة ، وﻻ العيون تدمع عند سماع قوارع اﻵيات ، تدخل المسجد الجامع والقارئ يقرأ فﻻ تشعر بهمس من خشوع ، وﻻ ترى بكاءا للعيون ، فحري بالنفوس أن تجدد التوبة قبل رمضان حتى تلين القلوب وتفوز بمرضاة الله .
- نجدد التوبة قبل رمضان ﻷننا نرى الموت ينزل بالناس في كل لحظة ، ونشاهد يد المنون تخطف هذا وتطرح ذاك.
تردي التي قد استعدت لعرسها ولكنه قد سبق قضاء الله بانتقالها للدار اﻵخرة والحكم عليها بالموت .
فهذه الموعظة - أعني موعظة الموت - ينبغي أن تكون حاملة لنا للمسارعة للتوبة وأن ﻻ نستجيب لطول اﻷمل الذي تُكذّبه لوقائع أمامنا ، فالوحي الوحي، والنجاة النجاة قبل حلول الموت بنا .
- نجدد التوبة قبل رمضان ﻷن الفتن قد أحاطت بنا من كل مكان .
قتل هنا ، وهﻻك هناك وﻻ ثم نجاة إﻻ باللجوء إلى الرحمن قبل أن يحل بنا ما حل بغيرنا فﻻ نستطيع ساعتها فعل طاعة ، وﻻ نملك وقتها دفع مصيبة .
رمضان يا إخوتي نور اﻷرض وهداية للعالمين، والخاسر من حُرم خيره وخيراتها .
أدرك رمضان يا مؤمن بلقاء الله ووعده ووعيده .
أدركي رمضان أيتها المؤمنة، قبل خروجه وتفلت فرصة الطاعة فيه..(وما يدرنا لعله آخر رمضان نلقاه).
اللهم يا رحيما بالعباد ، ويا لطيفا بالخلق وفقنا للتوبة النصوح وخذ بأيدينا لما يرضك عنا .
اللهم هذه نواصينا الخاطئة بين يديك فألهمنا رشدنا وارحمنا بطاعتك.
كتبه / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي