وكُلنا يتمنّى حفظ القرآن طمعاً في الحصول على الأجر والثّواب الجزيل من الله تعالى، خيرُ كتابٍ نزّل على وجه الأرض على يدِ خير نبيٍ وطّأ الثّرى، وقال تعالى في فضل القرآن: "إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" (الاسراء:9).
لماذا نحفَظ القُرآن جعلَ الله لقارئ القرآن أجراً عظيماً بأنْ جعل في كل حرف يقرأه حسنة والحسنة بعشر أمثالها، ويُضاعف الله ما يشاء وأنّه يكون يوم القيامة شفيعاً لصاحِبه وقارِئه، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلّ الله عليه وسلم يقول: (اقْرَأُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ) رواه مسلم. وقارئ القرآن قال فيه رسولنا الكريم أنّه يعيش عيْش السُعداء ويُنجّي صاحبه يوم الحشر ويموت موتة الشُهداء وأنّه النور يوم الظُلمات والظّل يوم الحَرور ويُبارك في حسنات صاحبه. دوافِع نفس المسلم لحفظ القرآن لأنّ القرآن منهج حياتُنا ومنه تستمّد الأمة الإسلامية نظام مُعاملاتها المُختلفة أحكام وفضائل وشروط الأعمال والحُكم فكان لا بد لكل مسلم التعبُد بتلاوته وحِفظِه للتقرُب إلى الله، وأنْ يضع في قائمة أولوياته وأهم مشروعات حياتِه هو حفظ القرآن الكريم ولا بدّ أنْ تُوجد في نفس المؤمن العزيمة والنيّة الصّادقة حتى يُعينُه الله على حفظ القرآن، ومنْ أهم أسباب حفظ القرآن هو ابتّغاء الأجر والفوز بالجنة وإكرام الوالدين بإلباسهم تاج الوقار بفضل الله وكرِمه وحفظ القرآن هو اتبّاع لهدي السُنّة النّبوية حيث كان الرسول دائم التّلاوة والحفظ للقرآن، قال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (الأحزاب:21)، وحِفظ القُرآن فرض كِفّاية علينا نحن كمسلمين حيثُ أنّه إذا حفظهُ البعض سقط عن الباقين، لماذا لا تكن أنت مُبتغياً لأجر حفظه وفضل تعلُمه وتعليمُه وحمّلة القرآن هم أهل الله وخاصّتُه والقرآن سيكون رفيقُك وأنيسُك الوحيد عند موتِك وفي ذلك فليتنافس المُتنافِسون. كيف أحفظ القُرآن بسهُولة وسُرعة سوف نتطّرق لعدة طُرق وأساليب تُعينُنا على حفظ القرآن بسرعة دون أن نكّل أو نشعُر بخمُول وبكل سهولة: قبل البدء بالحفظ لا بد أنْ تتحلّى بالنّية الصادقة الخالصة لله حتى يُعينُك الله على هذا العمل. ولا بد أنْ تختار الصّديق الذي يُشجعُك ويُنافسُك في حفظ القُرآن ويُعينك أيضاً، فالالتحاق بحلقات القُرآن في المساجد لهو من أكثر الأمور التي تُعينُك وتُشجّعُك على حفظ القرآن فهذا يُولّد أجواءً تنافُسيّة بين المُلتزّمين بهذه الحلقة. وحتى يُكرمُك الله بنعمة الحفظ القوي يجب عليك بهجْر المعاصي والذنوب والإكثار من الأعمال الصالحة التي يتقرّب بها العبد إلى الله، وكما قال الشاعر: شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخــبــــرنـّـــي بـأنّ الـعـلــم نــورٌ ونــور الله لا يُــهـدى لـعاصـي. الهّمة الجادّة والعزيمة القوية ضروريان ولابد أنّهما المُحفّز الأساسي في تسريع الحفظ والدّافع القوي للحفظ. الاستماع إلى السورة المُراد حِفظها أمر هام جداً للمُساعدة في الحِفظ للتّلاوة بشكل صحيح والحركات والأحكام وأيضاً الأحكام لها دور مُهم لا غنى عنها في حفظ القرآن والمُساعدة على تذكره واستحضار الآية التالية بسرعة. وتكرار قراءة السورة مهم جداً في تثبيت الحفظ ويُفضّل أن تُكتب على ورقة عند التسميع وهذا له دور في الحفظ والتثّبيت وقد قِيل قديماً ما كُتب قَرْ وما حُفِظ فَر. إدارة الوقت من أهم عوامل الحِفظ وسُرعته فيجب ترتيب أوقاتنا لتوفير وقت كافي لحِفظ القُرآن وذلك بترتيب الأعمال حسب الأولوية وتحديد أفضل أوقات الحِفظ وهي وقت الأسحّار وفي الصباح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، فعجباً لنا نأكل ثلاث وجبات يومية لتصّح أبداننا ولا نقرأ ثلاثة صفحات من القرآن ليصّح ديننا والانتظام على الأوقات التي يتّم اختيارها يومياً له دور في سُرعة الحفظ والاستيعاب. اختيار المكان المُناسب الذي يُساعد في الحفظ حيث تتوفر به الهدوء والرّاحة وبعيد عن المُلهيات وأنْ يكون جيد التّهوية. الحالة النّفسية من عوامل تسريع الحِفظ حيثُ يجب الحفاظ قدْر الإمكان على نفسية المُسلم هادئة مُطمئنة بذكر الله صافية الذّهن وبعيدة عن التّوتر والقلق وتشتيت التّفكير والعقل في عدّة أمور فإنّ اختيار الأوقات التي يكون بها العبد في مَلل أو يكون مُرهق لا يُؤدّي لحُسن الحفظ بل سوف يُعاني من بُطء الحفظ. القراءة بصوت جيد يُساعد على التذّكُر والحفظ وتخيُّل وتدّبُر الآية وتفسيرها يُساعد وبشكل كبير في تذّكُر الآيات التي تمّ حفظها ويجب التركيز على عدّة أمور مُهمّة في طبيعة الآيات حيث أنّ بعض الآيات تُشابه آيات في سُور أخرى ومثل هذه الآيات تحتاج إلى حفظ مُتقّن حتى لا تتدّاخل السور والآيات في مواضِعها المُختلِفة. المُراجعة الدّورية من الأمور التي تُساعدك في تثبيت حِفظِك فلا تعتقد أنّك بمُجرد تسميعك لسورةٍ مُعيّنة لمرّة واحدة بشكل تام أنّك لن تنساها فيما بعد، بل عليك إعادة تسميعها مِراراً وتكراراً في كل فُرصة تسمح لك بذلك، والأفضل أنْ تحفظ سورةً واحدة بشكل مُتقّن وتعمل بها خيرٌ من حفظك لسورتين أو ثلاث بشكل غير مُتقّن أو عدم العمل بهن. الزَم الدعاء، وادع الله أن يُعينك على حفظ القُرآن وتعلمُه والعمل به، وهناك الكثير من الأدعية المأثورة كقولك: "اللهم أعنّي على ذِكرك وشُكرِك وحُسن عبادتك" فقراءة القرآن عبادة. تذّكر دائماً أنّك تفعل كل هذه الأمور المذّكُورة أعلاه لإتمام حفظ القرآن، ولتنْعم بنعمة حِفظِه وتلاوته والعمل به، واعلم أنّ المُؤمن العالِم خير وأحبْ إلى الله من المُؤمن الجاهل، فعليك دائماً تذّكُر الهدف المنشود، والموضوع نُصْب عينيك، اكتبه على ورقة على حائط غُرفتك، ودوّنهُ على مُلاحظة في هاتفك الخاص، تذكّر دائماً هذا الهدف واعلم أنه من يسعى إلى هدفه بصِدق تُساندُه كل الظروف للوصول إليه.