عندما تساعد إنسان على قضاء حاجته فإنه يشعر بالأخوة والمحبة فيما بينكم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) سعادة لا تضاهيها سعادة عندما نكون سبب في سعادة الآخرين، قمة السعادة وقمة الفرح أن تكون مصدر فرح للآخرين... الأجر من الله والتوفيق في الدنيا.. قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن، وأن يفرِّج عنه غمًا، أو يقضي عنه دينًا، أو يطعمه من جوع)، وسُئِلَ الإمام مالك: "أي الأعمال تحب؟ " فقال: "إدخال السرور على المسلمين، وأنا نَذَرتُ نفسي أُفرِج كُرُبات المسلمين" فقط أخلص النية ستأتيك المثوبة من عند الله - تعالى-... ويروى أن ابن عباس- رضي الله عنه- كان معتكفًا في المسجد النبوي، فجاءه رجل يستعين به على حاجة له فخرج معه فقالوا له كيف تخرج من المعتكف فقال: لأن أخرج في حاجة أخي خيرًا لي من أن أعتكف في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا كاملًا.
كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يحلب للحي أغنامهم، فلما استُخلف قالت جارية منهم: الآن لا يحلبها، فقال أبو بكر: بلى وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يتعاهد بعض الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل، ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة، فدخل إليها طلحة نهارًا، فإذا عجوز عمياء مقعدة، فسألها: ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت: هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى، فقال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة عثرات عمر تتبع؟!
يقول أحد الشباب: يعلم ربي الذي يشهد على أني أحس بسعادة غامرة عندما أساعد أحد وهو يدري أو لا يدري ولكن أُفضل أنه لا يدري لكن يسعدني أن أرى السعادة غامرة على وجهه
تقول إحدى الأخوات: دائمًا أتمنى أن أساعد الغير وأقضي حوائجهم؛ لأن هذا العمل يريحني ويسعدني ويبعد عني الأمراض النفسية، ولكن أصدم بردات فعل البعض مؤسف أن تنتظر كلمة شكر من أحدهم ولا تجدها.. ولكن لابد أن نفعل الخير فقط لأننا نقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم ويجب علينا أن ننتظر أجور الآخرة من الله تعالى-..
قال مجاهد: صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان هو يخدمني أكثر، فساعد الناسوأقضي حوائجهم لطلب الأجر من الله - سبحانه وتعالى-.. لا تسعى لكلمة شكرًا منالناس، فهنيئًا لمن أدخل السرور على قلب مؤمن طفلًا يتيمًا كان أو شيخًا كبيرًا أو امرأة أرمله أو أي فعل من أفعال الخير وتسهيل أمور الناس والتخفيف عن آلامهم وعدم تعقيد أمورهم..
فعلى العاقل أن يستعين على قضاء حاجة نفسه بالسعي في قضاء حاجات المسلمين، فإنك إذا سعيت في قضاء حاجات المسلمين سعى الله نفسه في قضاء حاجتك، فأي هما خير لك؟ وبهذا يحصل ترابط المجتمع وتكاتفه والارتقاء به إلى أعلى المراتب، يسود فيه الألفة والرحمة، فالكبير يقوم بواجبه تجاه الصغير والقوي يقضي حاجة الضعيف والغني يعطف على الفقير، يقول أحد الشباب عن تجربة شخصية له: "هناك شخص عندنا في الجامعة من الدفعة السابقة لنا قام بتصوير إحدى المذكرات لجميع طلاب دفعتنا من حسابه الخاص، فكان لها أثر عظيم في أنفس الطلاب حيث قاموا بالدعاء له في ظهر الغيب".
فإن أردت أن يسهل الله قضاء حوائجك فأعن الناس على قضاء حوائجهم، فالجزاء من جنس العمل، علمتُ بلْ أي قنتُ أن مَن مدّ يدَهُ لِيُساعد الناسَ ثمّ احتسبَ أجرهُ.. هيّأ الله له مَن يُعينَهُ وَيسدّ فُرجَتَهُ، يقول أحد الإخوة: وقد وجدت والله أثر مساعدة الناسعلى حياتي من تيسير الله - سبحانه- لجميع أموري ولقد سمعت حديثا بما معناه أن أسرع الناس مرورًا على الصراط أناس تقضي حوائج الناس على أي دينهم، وهو من باب المسارعة إلى فعل الخير والمسابقة فيه، كما قال الله - تعالى-: (فاستبقوا الخيرات).
قال الداراني: إني لأضع اللقمة في فم أخي فأجد طعمها في فمي.. فيمكن أن تنجو من النار وتدخل الجنة بفرج كربة صغيرة لا يلقي لها بال فاغتنم الفرص قبل أن يغتنمها غيرك.