فقد أرسل الله من هو خير منك إلى من هو شر مني، أرسل موسى إلى فرعون وطلب منه اللين في القول (فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى).
لاحظ معي أن الآية الكريمة دليل واضح ما للكلم الطيب من تأثير عميق بليغ في النفس، مهما كانت متجبرة أو صلبة قاسية، وأحسبُ أنه لم يكن يوجد يومها، قلبٌ أقسى من قلب فرعون، ولكن مع ذلك، طلب الله من موسى أن يكون ليناً معه، فلعله يتأثر ويرق قلبه بعض الشيء. فإذا كان هذا هو نهج الكلام مع فرعون، صاحب القلب القاسي، فكيف بمن هو أقل منه بكثير؟ لا شك أن القول اللين الهادئ الرزين سيؤثر بشكل فاعل سريع.
كثيرون يفشلون في الوصول إلى الآخرين وتوصيل ما بأنفسهم إلى الناس من رسائل وقيم ومعان، والسبب في ذلك هو عدم التوفيق في استخدام ما بنفوسهم من كلمات ومعان بالصورة المثلى والمؤثرة. تراهم يُخرجون الكلمات من صدورهم بلا روح أو حماسة وحرارة العاطفة الإنسانية، حيث تخرج باردة باهتة، لا لون لها أو طعم، وبالتالي لن تجد آذاناً صاغية، أو قلوباً واعية.
الله سبحانه يدعونا إلى الكلم الطيب والحسن الجميل (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)، فإن جادلت فليكن بالحسنى، وإن وعظت أو مدحت فقل الأفضل والأجمل من الأقوال والعبارات، ولكن بالحق، لا تجامل ولا تنافـق ولا تداهـن.
أظهر مهاراتك في إبراز القول اللين، وتفنن وأبدع في تجميل الأقوال، كي تنفذ مباشرة إلى القلوب قبل الآذان. ولنا في رسولنا الكريم -صلى الله عليه والسلام- القدوة الطيبة والحسنة في هذا المجال. واقرأوا سيرته العطرة إن شئتم.