الجواب:
نعم، يستحب للمسلم أن يكثر من قراءة القرآن الكريم في رمضان ويحرص على ختمه، لكن لا يجب ذلك عليه، بمعنى أنه إن لم يختم القرآن الكريم فلا يأثم، لكنه فوت على نفسه أجوراً كثيرة.
والدليل على ذلك: ما رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: «أن جبريل كان يعْرضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً ، فَعرضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فيه"..أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن" انتهى.
وقد كان من هدي السلف رضوان الله تعالى عليهم، الحرص على ختم القرآن في رمضان، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فعن إبراهيم النخعي قال: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين (السير:4/51)، وكان قتادة يختم القرآن في سبع، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة، وعن مجاهد أنه كان يختم القرآن في رمضان في كل ليلة، وعن مجاهد قال: كان علي الأزدي يختم القرآن في رمضان كل ليلة وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين ختمة، وقال القاسم ابن الحافظ ابن عساكر: كان أبي مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن الكريم، يختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم.
قال النووي رحمه الله تعالى معلقاً على مسألة قدر ختمات القرآن الكريم:
"والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر، لطائف ومعارف، فليقتصر على قدر يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم، أو غيره من مهمات الدين، ومصالح المسلمين العامة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له.
وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة " انتهى.
ومع هذا الاستحباب والتأكيد على قراءة القرآن الكريم وختمه في رمضان، يبقى ذلك في دائرة المستحبات، وليس من الضروريات الواجبات التي يأثم المسلم بتركها.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: هل يجب على الصائم ختم القرآن في رمضان؟
فأجاب:
"ختم القرآن الكريم في رمضان للصائم ليس بأمر واجب، ولكن ينبغي للإنسان في رمضان أن يكثر من قراءة القرآن الكريم، كما كان ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان عليه الصلاة والسلام يدارسه جبريل عليه الصلاة والسلام القرآن الكريم كل رمضان" انتهى.