من أصبح منكم اليوم صائمًا ؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا ؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضًا ؟ قال أبو بكر: أنا، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعن في امرئ إلاّ دخل الجنّة.
الصديق رضي الله عنه كان نموذجاً حقيقياً للمسارعة إلى فعل الخيرات، وقد كان ينافسه الفاروق عمر في فعل الخيرات، ولكن لم يغلبه حسب ما قال عمر عن نفسه، رضي الله عنهما.. فقد قال عمر: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، ووافق ذلك مني مالاً، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر. قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ فقلت: مثله. وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال صلى الله عليه وسلم له: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قال عمر: لا أسبقه إلى شيء أبداً.
المسارعة إلى فعل الخيرات والتسابق مع الآخرين في هذا الأمر، طمعاً في مرضاة الله وليس حباً في شهرة أو رياء، إنما هي من أخلاق المؤمنين الصادقين، ودلالة على رجاحة في العقل وسلامة في القلب، ذلك أن إتيان الخير إنما هو نموذج رائع لقيمة فعل العطاء، الذي غالباً ما يكون أصعب وأشق على النفس من فعل الأخذ.
حين تقوم بالعطاء والمسارعة إلى الخيرات، فإنما تثبت ها هنا عملياً أنك مفتاح للخير مغلاق للشر، كما بالحديث: "إنَّ من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإنَّ من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه".. وبما أن الشهر الكريم قد انتصف، فالفرصة ما زالت سانحة لعمل الكثير من الخيرات، سراً وعلانية، والأمر بيدك لا غيرك.