قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96]ز.
فالبركات: جميع الخيرات والأنعام والأرزاق، والأمن، والسلامة من الآفات، وكلُّ ذلك من فضل الله وإحسانه على عباده.
فالبَرَكَة منحة من الله يسبغها على من شاء من عباده ليسعدهم، متى أطاعوه، وحفظوا أمره ونهيه، واستقاموا على شرعه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]، وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة من الآية:152]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك» (سنن الترمذي [2516]).
وبهذا نعلم أنَّ البَرَكَة منحة إلهية مرتبطة بالطاعة؛ فمتى أطاع العبد ربَّه بارك له في عمره، فبقي العبد متقلباً طوال أيامه من طاعة إلى طاعة؛ وبارك له في ولده.
وإن كان عددهم قليلاً إلا أنَّ صلاحهم، واستقامتهم، وبرَّهم بوالديهم يُنسي تلك القلة، ويحيلها إلى كثرة؛ وبارك له في ماله، فحفظه من السرقة، أو من استعماله في حرام، وأراح خاطره من التعلق به، وصار المال في يده مملوكاً لا مالكاً.
وبارك له في بدنه، فَسَّلَّمَه من الآفات، وسخره في الطاعة؛ وبارك له في نفسه، فعاش مطمئناً سعيداً، منشرح الصدر، وهكذا يُسهّل له العسير، ويفتح له المنغلق، ويعيش في سعادة ورضا بما عنده.
وفي رمضان نرى كثيراً من ذلك يتحقق في حياة الصالحين من عباد الله تعالى، فنرى الطمأنينة في أنفسهم، والرغبة في الخير، والازدياد منه، حتى أنَّ أحدهم يبكي لفراق رمضان، لما يرى من قوة إيمانه فيه، وتذوقه لذة المناجاة، وشوقه إلى ربِّه.
ونرى البَرَكَة في أجساد بعض الصائمين، واحتمالهم لشدائد يعجز عنها الصائمون من غير أهل الصلاح، وانظر إلى جَلَدِهم في قيام الليل، ومواصلة الذكر، والحرص على الطاعة، تجد ذلك ظاهراً؛ ونرى البَرَكَة في أوقاتهم، حتى أنَّ أحدهم يختم المصحف مرَّات عدَّة في شهر رمضان، مع مشاغله المتعددة؛ فأين أنت، يا عبد الله، من هذه البركات التي يفيض بها على من شاء من عباده ربُّ الأرض والسماوات؟