قال البخاري " فوقع ذلك في نفسي " .
ثم بدأت رحلة كتابة صحيح البخاري بشروط دقيقة جداً وانتهى منه بعد ١٦ سنة، والغريب في الموضوع هو كلمته " فوقع ذلك في نفسي ".
إن البخاري كان يمتلك نفساً تواقه للمعالي والهمم فلما سمع بكلمة تحفيزية كانت تلك الكلمة بداية لمشروع عظيم في خدمة السنة النبوية .
ياكرام، كم نحن بحاجة إلى كلمات التحفيز في مجتمعاتنا العلمية والدعوية ؟.
يا ترى هل تذكر أن شيخك جلس معك لوحدك وهمس في أذنك بمشروع علمي أو دعوي ؟.
عجيب حال بعض شيوخنا لا يمنحون طلابهم فرصة اللقاء معهم إلا في أحوال ضيقة ونادرة وسريعة ويردد بعضهم أنا مشغول .
إن إسحاق بن راهوية لم يكن يعلم بأنه بعد تلك الجلسة سينطلق ذلك الطالب لتأليف أصح كتاب في السنة النبوية ، ولكنه التحفيز الذي تعود عليه علماء السلف .
ومن جهة أخرى ، لك أن تتعجب من نفس البخاري التي بمجرد سماع تلك الفكرة العلمية بادرت مباشرة ولم تفكر في العوائق والصعوبات مع أنه مشروع صعب للغاية مع ضعف الإمكانيات في ذلك الزمن .
يا فضلاء ، إن النفوس الكبيرة ترحب بكل مشروع كبير لأنها كبيرة وتواقة وطموحة ، وأما النفوس الصغيرة فهي غير قادرة على القيام بأبسط الأشياء وهذا هو الفرق .
إن البخاري قال: " وقع ذلك في نفسي " وحينما وقعت الفكرة رسخت في جذور وأعماق قلب البخاري ثم نتج من وراءها مشروع عالمي بقي بعد موته أكثر من ألف سنة .
أي نفوس سكنت في تلك الأجساد؟! أي أرواح كانت تلك الأرواح ؟!.
مجرد كلمات فقط لاتملأ سطراً إذ بها تخرج للأمة مشروعاً كبيراً .
يا ترى متى تنطلق مشاريعنا العلمية والدعوية للعالم؟.
في تصوري حتى يتحقق ذلك فإننا بحاجة إلى : تحفيز شيخ ، ونفسٌ تواقة .
وحينها سيقول كل صاحب مشروع " لقد وقع ذلك في نفسي " ثم ينطلق للبدء فيه .