التواضع، حب المطالعة، حدة البصيرة، الوطنية، كرم الضيافة، الحرص على الفرائض الدينية وصلة الرحم.. هي صفات رافقت الزعيم الراحل حسين آيت أحمد، طيلة حياته واحتفظ بها في منفاه الاضطراري أو الاختياري بسويسرا، رفض لقب الزعيم والمجاهد، لأن الشعب كله مجاهد في نظره، فتح بيته لجميع زواره والراغبين في لقائه عن قرب، كان متتبعا لأخبار الوطن عن كثب عبر الصحف ونشاطات الحزب أول بأول.
تلك هي يوميات الراحل حسين آيت أحمد، في منفاه الذي لم يغير يوما من هويته الجزائرية وشخصيته الفذة، حيث أكدت مصادر مقربة من محيط عائلته لـ"الشروق"، أن هذا القامة التاريخية، احتفظ بصفاته المعهود عليها إلى آخر أيامه، فالهدوء والبساطة والتواضع، القراءة بشغف والمشي، كانت السمات التي لم يمحها الزمن ولا الظروف من حياته.
كان "الدا الحسين" حسب الشهادات التي استقتها "الشروق" من مقربيه، رب عائلة يعيش مع أبنائه الثلاثة ووالدتهم، لم يختر لنفسه حياة الترف والرفاهية وعاش بسيطا، متواضعا، وكانت الكتب الرفيق الأكثر حظا في شغل وقته ببيته في سويسرا، إذ لا يمر يوم دون أن يقضي منها ساعات في القراءة، ضف إلى ذلك المطالعة اليومية للجرائد والاطلاع على أخبار الوطن عبرها، كما كان مضيافا، يصطحب زواره من أعضاء الحزب وحتى الطلبة والباحثين إلى منزله ولا يستقبلهم في المقاهي بمسافات أو بروتوكولات معينة.
احتفظ المجاهد حسين آيت أحمد، بأواصر الصداقة وصلة الرحم، حيث كان في اتصال دائم مع عائلته في عين الحمام وكذا أصهاره في تازمالت بولاية بجاية، والراحل كان يمقت مناداته بالألقاب الممجدة، خصوصا "المجاهد" لأنه في نظره الشعب الجزائري هو المجاهد الحقيقي والأبدي، وحصر نضاله في أشخاص معينين مهما كانوا، يعد حسبه تقزيما لهذا الشعب، الذي طالما كان في الواجهة والمواجهة عبر جميع مراحل النضال والأزمات التي مرت بها البلاد.
تابع باهتمام بالغ جميع المبادرات والنشاطات التي قام بها حزبه الأفافاس، منذ استقراره في "منفاه" بسويسرا، فكان يطالب بالصور والفيديوهات الخاصة بكل التجمعات الشعبية منها والمغلقة وكذا الاجتماعات الرسمية، فكان دائما العين والروح الساهرة على تجسيد وإرساء الأفكار والأهداف التي استمات من أجلها خاصة الديمقراطية.
وقالت الشهادات، رغم قلتها، إن قوى آيت أحمد تراخت في السنة الأخيرة قبل رحيله، بعدما نال منه المرض فكان قليل الحركة والنشاط، واستحوذت الوطنية وحب الوطن على بقية وقته، ليقرر بعد اشتداد المرض وفي وصية غير قابلة للنقاش، أن يدفن بمسقط رأسه، بعيدا عن الرسميات والبرتوكولات.