بلاتيني.. من لاعب مطرود إلى أسطورة فرنسا الذي أختير أفضل من زيدان

برز ميشال بلاتيني كواحد من أفضل صانعي الألعاب على مستوى العالم خلال حقبة نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، حيث اشتهر بطريقته الرائعة في تنفيذ وتسجيل المخالفات الثابتة سواء في البطولتين الفرنسية والإيطالية أو المنتخب الفرنسي...

نشرت : فوزي ب الاثنين 23 سبتمبر 2013 00:28

كعادة النجوم الكبار دائما فإن بداياتهم كانت مليئة بالصعوبات وعديد المفارقات الأسرار...

عائلته من أصول إيطالية

رأى ميشال النور يوم 21 جوان 1955 بمدينة جوف التابعة لمقاطعة موزيل والواقعة شمال شرق فرنسا، وذلك من أم إسمها آنا وأب إسمه آلدو يحمل كلاهما أصولا إيطالية، إذ يعود مجيء عائلة بلاتيني لفرنسا إلى جد بلاتيني الذي أسس حانة في نانسي أطلق عليها إسم "مقهى الرياضة" ورثتها آنا بعد وفاته، وهناك كان يقضي موهبة كرة القدم المستقبلية جل يومياته إلى غاية سن السابعة أين بدأ يقع في عشق المستديرة الساحرة بتأثير من أصدقائه، فكان يداعب الكرة في الشوارع ويقضي الساعات الطوال في تعلَم فنيات المراوغة وكذلك التسديدات البعيدة التي أصبح نجما فيها بعد ذلك.

أبوه لاعب كرة سابق وشجعه على ممارستها

وإضافة لكون أبيه آلدو مدرسا لمادة الرياضيات فقد كان لاعبا سابقا مع نانسي كما أشرف على تدريب الفريق الرديف بعد اعتزاله، هذا الإلمام بعالم المستديرة الساحرة جعله يشجع إبنه على مزاولتها حتى يحذو حذوه ولم يقف عائقا أمامه أبدا، بل كان يعلمه أساسيات اللعبة، وقام بإدخاله مع براعم فريق مدينة الأصلية جوف في عامه الحادي عشر وبقي هناك لست سنوات.

رُفض في فريقه المحبوب ميتز بحجة قصور القلب ومشاكل التنفس

ذاع صيت ميشال شيئا فشيئا في أنحاء مقاطعة موزيل التي كان يقطن بها، خاصة بعد تألقه في كأس غومبارديللا سنة 1971 وهي مسابقة كروية شهيرة في فرنسا تخص الفئات الصغرى للفرق، هذا الأمر لفت أنظار نادي ميتز الذي يُعتبر الفريق المحبوب لإبن مدينة جوف، وقام بإستدعائه لخوض إختبار أولي قصد ضمه إلى الفريق، وبعدما ضيع الموعد الأول بداع الإصابة نجح في تلبية الإستدعاء الثاني، لكن المفاجأة كانت مدوية بعد فشله في الإختبارات الطبية، وأصدر طبيب الفريق تقريرا يحث الإدارة على عدم ضمه بحجة أن بلاتيني يعاني من مشاكل في التنفس إضافة لقصور على مستوى القلب.

لم يستسلم، ونانسي فتح له ذراعيه

وبعد هذه التجربة المريرة والمؤسفة لم يجد اللاعب الأسطورة بدَا من الإلتحاق بفريق نانسي الذي لعب له أبوه، وهو ما تحقق له في أوت 1972 بإنضمامه إلى الفريق الرديف لنادي مقاطعة اللورين الذي يزاول في الدرجة الفرنسية الثالثة، أين كانت بدايته موفقة للغاية ونجح في إحراز ثلاثة أهداف في أول مباراة له أمام فيتالسهايم، وواصل تألقه إلى أن تم إستدعاؤه للفريق الأول من طرف المدرب أونطوان رودان بغية تعويض اللاعب المصاب أونطوان كوزوفسكي، وكانت أول مباراة يلعبها في الدرجة الأولى يوم 2 ماي 1973 أمام نيم في ملعب ناديه مارسال بيكو والمنتهية لصالح رفقاء اللاعب رقم 10 (2-1)، وفي الأسبوع الموالي إستقبل فريق اللورين نظيره ليون وحقق إنتصارا باهرا (4-1) بفضل ميشال الذي سجَل هدفين وصنع آخرين، ومنذ ذلك الحين أصبح ضمن التعداد الأول للفريق.

ضعفه الجسماني جعله عرضه للإصابات المتكررة

وتعرض أسطورة الكرة الفرنسية في بداياته لعديد الإصابات التي أبعدته عن الميادين لفترة طويلة، وذلك كنتيجة فعلية لضعف بنيته الجسمانية من الجهة، والإلتحامات القوية التي كانت تتميز بها مباريات البطولة الفرنسية آنذاك، ففي موسمه الأول مع نانسي تعرض لكسر مضاعف على مستوى ساقه الأيمن، أتبعه بكسر مضاعف آخر في ذراعه الأيسر الموسم الموالي، كل هذا رغم أنه لم يتجاوز 18 سنة من العمر، ما جعله يضيَع فرصا عديدة للإلتحاق بالفئات السنية للمنتخب الفرنسي (3 مباريات فقط مع منتخب الآمال)، إضافة لكون إصابته الثانية حرمته من تكملة موسم 1973/1974 مع فريقه وبالتالي وقف عاجزا عن مساعدته على البقاء في دوري الأضواء، ونزل للدرجة الثانية بنهاية الموسم.

الإنطلاقة الحقيقية من الدرجة الثانية

مصائب قوم عند قوم فوائد، هذا المثل ينطبق على الملك الكرات الثابتة بعد نزول نانسي لغياهب الدرجة الدنيا، فبينما ابتلي أنصار ومحبَو هذا النادي بكارثة السقوط كان ذلك فرصة ذهبية للاعب الصاعد من أجل إبراز قدراته، حيث أصبح اللاعب رقم واحد في الفريق ونجح في إعادته لمصاف الأضواء بإحرازه 30 هدفا خلال 38 مباراة ما بين البطولة والكأس رغم أنه منصبه الرئيسي هو صناعة الألعاب، وجاءت هذه الأهداف في معظمها عن طريق المخالفات الحرة المباشرة التي عشق بلاتيني تنفيذها منذ نعومة أظافره، وكان يتدرب عليها دوما مع الفريق رفقة حارس المرمى وصديقه الحميم جون ميشال موتيي.

تألق الأولمبياد فتح له أبواب الإحتراف

الأداءات الراقية التي قدمها اللاعب ذو الأصول الإيطالية مع نانسي عجَلت بإنضمامه لمنتخب فرنسا الأولمبي، وكانت أول مباراة رسمية له يوم 3 ديسمبر 1975 بمدينة بريست في إطار تصفيات أولمبياد مونريال 1976 أمام رومانيا وإنتهت (4-0) وسط مستوى رفيع منه، ليتأهل إلى المرحلة النهائية رغم الخسارة إيابا (0-1)، وهناك في القارة الأمريكية تمكن الزَرق في تخطي الدور الأول بإنتصارين مبهرين على المكسيك وغواتيمالا برباعية، وتعادل مع الكيان الصهيوني قبل أن يخسروا ربع النهائي أمام ألمانيا الشرقية، ورغم ذلك خطف بلاتيني الأضواء كالعادة وفور عودته إلى الأراضي الفرنسية قام نانسي بتوقيع أول عقد إحترافي للاعب مدة موسمين (1976-1978).

دخل فضاء الديكة من الباب الواسع وأرجعهم للمونديال بعد 12 سنة من الغياب

وفي خضم التأهل إلى أولمبياد مونريال بكندا وصل الفرنسيون إلى قناعة بضرورة تواجد نجم نانسي في صفوف المنتخب الأول، وهو الأمر الذي أكَده مدرب الديكة آنذاك ميشال هيدالغو الذي إستدعى بلاتيني لأول مرة يوم 27 مارس 1976 لخوض مباراة ودية أمام تشيكوسلوفاكيا في ملعب حديقة الأمراء بباريس، وتمكن من فرض نفسه سريعا بتسجيل هدف التعادل (2-2) من مخالفة حرة غير مباشرة في (د75) مهَدها له المخضرم هنري ميشال، ومنذ تلك المواجهة أصبح قائد الأوركيسترا الفرنسية جزء لا يتجزأ من تشكيل المنتخب وخاض معه مباريات تصفيات كاس العالم 1978 أين نجح في قيادة الديكة لحجز تأشيرة السفر إلى الأرجنتين بعد غياب مدته 12 سنة عن هذا المحفل العالمي.

المباراة التي جعلت صيته يذيع في سماء القارة العجوز

بعد ضمان التأهل لمونديال الأرجنتين نهاية عام 1977 شرع المنتخب الفرنسي في التحضير على قدم وساق لهذه التظاهرة، فخاض عدة مباريات أمام منتخبات كبيرة أهمها لقاء المنتخب الإيطالي (2-2) يوم 8 فيفري 1978 بملعب نابولي وسط حضور عدد كبير من ممثلي الأندية الإيطالية، وهناك تألق الساحر الفرنسي كالعادة وتمكن من مخادعة الحارس الأسطوري دينو زوف من مخالفة حرة مباشرة، ذلك الهدف نال إعجاب الإيطاليين الذين سلَطوا عليه أضواء الإهتمام كثيرا من خلال وسائل إعلامهم، ما جعل عديد الأندية من بلاد برج بيزا تنوي التعاقد معه.

حقق لنانسي أول لقب في تاريخه سنة 1978 ونال الكأس من رئيس فرنسا

وتزامنا مع ما كان يفعله مع الزرق واصل صانع الألعاب تألقه مع ناديه نانسي، ففي موسم 1976/1977 قاد فريق اللورين للرتبة الرابعة في البطولة أي الأفضل في تاريخ هذا النادي المتأسس سنة 1967 (تكرر نفس الإنجاز سنة 2008)، وتواصلت الإنجازات في العام الموالي بالحصول على أول تتويج رسمي له ولفريقه والمتمثل في كاس فرنسا بعد الفوز على نيس (1-0) في المباراة النهائية يوم 16 ماي من تسجيل القائد بلاتيني الذي تسلم الكأس من أيدي الرئيس الفرنسي آنذاك جيسكار ديستان، وبقي هذا اللقب وحيدا في خزائن الفريق إلى غاية 2006 أي بعد 28 سنة (الحصول على كأس الرابطة).

خروج مذل من مونديال الأرجنتين، الجماهير تحمله المسؤولية والإصابة تعقد المأمورية

أصبح الجمهور الفرنسي ينظر لبلاتيني على أنه أسطورة وعاملوه بالبطل الذي لا يُقهر، وهو الأمر الذي جعلهم يتلقون صدمة قوية للغاية بعد خروج الديكة من الدور الأول لكأس العالم 1978، ورغم أن الخروج كان منتظرا نظرا لوقوع المنتخب الفرنسي في مجموعة إيطاليا القوية والأرجنتين المستضيفة إلا أن الفرنسيين لم يتجرعوا مرارة ذلك وحملوا الجزء الأكبر من المسؤولية لبلاتيني الذي لم يكن حاسما كما كان طوال الموسم، فأصبح في لمح البصر ممقوتا واضطر للعب موسم 1987/1979 مع نانسي تحت وقع صافرات استهجان جماهير الأندية المختلفة، وما زاد الطين بلة هو تعرضه لإصابة جديدة تمثلت في كسر على مستوى الكاحل أجبرته على تضييع مباريات فريقه في المنافسة الأوروبية.

فضل سانت إيتيان على الإنتير وباريس سان جرمان

بنهاية موسم 1979 وصل عقد ميشال مع فريق اللورين إلى نهايته، ورغم سعي إدارة الأخير لتجديد التعاقد إلَا أن اللاعب فضَل تغيير الأجواء والبحث عن تحديات جديدة، خاصة في ظل العروض الجيدة التي تلقاها على غرار إنتير ميلان وباريس سان جرمان وسانت إيتيان، هذا الأخير نجح في الحصول على إمضاء إبن مدينة جوف لمدة ثلاثة مواسم إذ جاء إختياره لـ"الخضر" نظرا لتاريخهم الحافل وشهرتهم الكبيرة في تلك الحقبة، وكانت البداية من جزيرة الجمال كورسيكا في إطار الجولة الأولى من البطولة يوم 26 جويلية 1979 (1-0 لسانت إيتيان أمام باستيا).

بطولة واحدة، نهائيي كأس و82 هدفا في 146 مباراة

وكحصيلة عامة لمشواره مع فريق الشرق الفرنسي والذي دام ثلاثة مواسم، لعب ميشال بلاتيني 146 مباراة في جميع المنافسات الرسمية المحلية والقارية سجل خلالها 82 هدفا، وعلى صعيد التتويجات الجماعية حقق لقب البطولة موسم 1980-1981 للمرة الأولى في آخر خمس مواسم بالنسبة للخضر، كما لعب نهائي الكأس مرتين وخسر كلاهما بدء من الأول أمام باستيا سنة 1981 (1-2) ثم الثاني في العام الذي تلاه أمام باريس سان جرمان (2-2 والخسارة بركلات الترجيح 5-6)، أما على المستوى الخارجي فقد عرف صاحب القميص رقم 10 أولى مشاركاته في الكؤوس الأوروبية مع الخضر، ولعب 16 مباراة سجل خلالها 9 أهداف، ورغم عدم الوصول لمراحل متقدمة إلا أن أبرز الذكريات تبقى الفوز على هامبورغ الألماني (5-0) سنة 1980.

قاد الديكة لنصف نهائي المونديال لثاني مرة في تاريخهم

واصل بلاتيني صعود سلم التألق مع المنتخب الوطني كما كان يفعل على مستوى الأندية، فخلال بداية الثمانينات أصبح القائد الأول للديكة والملك الأصلي لرقمه المفضل "10"، ونجح مع الزرق في الوصول إلى مونديال 1982 في إسبانيا، وهنا كانت المشاركة أفضل بكثير مما كانت عليه قبل أربع سنوات، حيث وصل زملاء بيرنار لاكومب للدور نصف نهائي لثاني مرة في تاريخ مشاركاتهم ليوازوا بذلك إنجاز 1958، وجاء هذا التأهل بعد تخطي المجموعة الرابعة بفوزين على الكويت وتشيكوسلوفيكيا وخسارة من إنكلترا، ثم دور المجموعات الثاني على حساب النمسا وإيرلندا الشمالية، غير أن المسيرة توقفت في نصف النهائي أمام ألمانيا الغربية في مباراة شهدت ستة أهداف بالتساوي بين الجانبين، وحسمتها ركلات الترجيح (4-3)، وقد اعترف ميشال مؤخرا بأنها أفضل ذكرى في مسيرته.

الفساد الإداري للخضر كاد يرميه في السجن

وكاد الفساد المالي الذي مر به سانت إيتيان أن يعصف بالنجم الفرنسي في السجن بعد المونديال الإسباني، وذلك بناء على ما سمي بقضية "الخزينة السوداء"، إذ يعود أصل هذه الحادثة لسنة 1977 عندما قامت الإدارة الجديدة برئاسة روجي روشي للخضر باختلاس أرباح النادي على مدار السنوات الماضية واستغلَت في مصالح شخصية، ناهيك عن تلقى بعض اللاعبين مبالغ منها على غرار بلاتيني الذي تلقى قرابة تسعمائة ألف فرنك، غير أنه تمت تبرئته من ذلك بعد محاكمة طويلة إستمرت لسنوات عديدة.

غادر فرنسا بإتجاه بطولة أبطال العالم وأكبر ناد في الكالتشيو

فور إنتهاء المونديال 1982 وجد قائد الديكة نفسه حرا من أي ارتباط بعد انتهاء عقده مع سانت ايتيان، وفضل خوض تجربة خارجية قصد تطوير مستواه أكثر وخوض تحدَ جديد، فالتحق بإيطاليا المنحدرة منها عائلته، وتحديدا جوفنتوس تورينو الذي كان بطل إيطاليا لموسمين متتاليين والذي كان يتابعه منذ اللقاء الودي الذي جمع منتخبي فرنسا وايطاليا في نابولي سنة 1977 (2-2) ثم مباراة أخرى قبل المونديال إنتهت بفوز الديكة (2-0) لأول مرة منذ عشرين سنة، وكان تعداد السيدة العجوز آنذاك نخبة من نجوم المنتخب الأزرق الحاصل على كأس العالم في إسبانيا على غرار حارس المرمى دينو زوف والمهاجم باولو روسي وغيرهم.

بداية صعبة، كاد يغادر بعد ستة أشهر ومالك النادي تمسَك به

ولأول مرة خلال مشواره واجه إبن فرنسا المدلل صعوبات جمَة في فرض نفسه وسط تشكيلة اليوفي، ويعود ذلك إلى مدرب الفريق جيوفاني تراباتوني والذي وضعه في منصب غير منصبه، وإضافة لذلك فقد عانى من أوجاع على مستوى الركبة أثرت كثيرا على أدائه وكذلك تسديداته المعروف بها، ورغم هذه الظروف فإن الصحافة الإيطالية لم ترحمه ووجهت له إنتقادات لاذعة تأثَر بها سلبا إلى درجة أنه فكر في الرحيل عن ايطاليا بعد ستة أشهر فقط عن قدومه، لكن إصرار مالك النادي آنذاك جيوفاني آنييللي على بقائه وإيمانه الشديدة بإمكاناته حال دون ذلك.

تراباتوني يرضخ للضغوط، يغيَر طريقة اللعب والملك هدَافا لأقوى بطولات العالم

قام أنييللي بشن حملة ضغوطات كبيرة على مدرب اليوفي آنذاك جيوفاني تراباتوني قصد تغيير طريقة اللعب التي كانت لا تلائم بلاتيني وأيضا البولوني زبيغينيو بونياك، وهو ما استجاب له المدرب الحالي للمنتخب الإيرلندي، هذا الأمر أعطى ثماره سريعا حيث حقق الفريق سلسلة من النتائج الرائعة في النصف الثاني من الموسم وسط تألق نجمه الفرنسي، فحل ثانيا خلف روما في ترتيب البطولة الإيطالية، وفاز بكأس إيطاليا بعد الإنتصار في النهائي على فيرونا، لكنه بالمقابل خسر نهائي كأس الأندية الأوروبية البطلة أمام هامبورغ الألماني (1-0)، ومن جهته سجل بلاتيني خلال هذا الموسم 16 هدفا خلال 30 ليتوَج هدافا للبطولة الإيطالية التي كانت تعتبر الأقوى عالميا آنذاك.

أربعة ألقاب في موسم واحد

إستمر الفرنسي على النهاية الرائعة لموسمه الأول ونجح خلال موسم 1983-1984 في إظهار إمكانياته الخارقة التي عود عليها الجميع لما كان في بلاد موليير، حيث تُوَج مرتين أخريتين بلقب هداف البطولة بتسجيله لعشرين هدفا سنة 1984 و18 سنة 1985، وأرجع البطولة إلى خزائن الفريق بعدما إفتقدها سنة 1983، أما الإنجاز الأبرز فكان على الصعيد الأوروبي وذلك بحصوله على أول تتويج في مسيرته، ويتعلق الأمر بكأس الكؤوس الأوروبية بالفوز في النهائي على بورتو البرتغالي (2-1) في ملعب سان جاكوب ببال السويسرية يوم 16 ماي 1984، وهو الإنجاز الذي تلاه كأس السوبر الأوروبية وكذلك كأس ما بين القارات للأندية أمام أرجنتينيوس جونيورز الأرجنتيني (2-2 والفوز بركلات الترجيح أين سجل بلاتيني ركلة التتويج).

أهدى فرنسا كأس أمم أوروبا لأول مرة سنة 1984

التألق الأوروبي للأسطورة مع ناديه الإيطالي ألقى بظلاله كذلك على منتخب بلاده، وذلك من خلال كأس الأمم الأوروبية 1984 التي نظمتها فرنسا، حيث أدخل الملك ميشال البهجة إلى الملايين من أبناء الوطن وعشاق الديكة عندما قاد الفريق لتحقيق اللقب في أول تتويج رسمي كبير للكرة الفرنسية على صعيد المنتخب الأول، وسجل صانع الألعاب الموهوب تسعة أهداف كاملة على مدار المباريات الخمسة بواقع ثلاثية أمام بلجيكا يوغوسلافيا في الدور الأول، هدف أمام الدانمارك في الدور الأول أيضا، هدف الفوز في الوقت الإضافي على البرتغال في نصف النهائي وهدف على إسبانيا في النهائي،

كأس الأندية البطلة 1985 .. إنجازه الأغلى وذكراه الأسوء

بعدما حقق لفرنسا الإنجاز الأغلى لها ولشخصه في أورو 1984، كان الدور في الموسم الموالي مع التتويج الأغلى له على صعيد الأندية، وهو كأس الأندية الأوروبية البطلة سنة 1985، وذلك بإمضائه هدف الفوز (1-0) على ليفربول في المباراة النهائية التي أقيمت بملعب هايسل بالعاصمة البلجيكية بروكسل، وهو النهائي الشهير والمعروف بالكارثة الدرامية المتمثلة في انهيار سور الملعب الذي أودى بحياة 39 مناصرا للفريق الإيطالي إضافة لحوالي 600 جريح نتيجة لشغب الجماهير الإنجليزية التي غزت الملعب، وهي الذكرى التي وصفها بلاتيني بأنها الأسوأ له في مسيرته الكروية.

ألمانيا تقف في وجهه مرة أخرى وتحرمه من كأس العالم 1986

كان كل المعطيات تشير إلى بلاتيني سيقود الديكة نحو التتويج بكأس العالم لأول مرة في تاريخهم سنة 1986، خصوصا بعدما نجح لاعب نانسي السابق في قيادة اليوفي لتحقيق لقب البطولة الإيطالية موسم 1985-1986، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن، وتعرض نجم الديكة لأوجاع على مستوى الركبة قبيل مونديال المكسيك أنقصت كثيرا من إمكاناته ولم يكن حاسما بتلك الدرجة المتوقعة منه، حيث عانى زملاؤه كثيرا في تجاوز دور المجموعات، ثم جاء دور الثمن النهائي أين سجل بلاتيني أولى أهدافه ليقود الديكة للفوز على حاملة اللقب إيطاليا (2-0)، تلتها مباراة البرازيل في ربع النهائي والتي إنتهى وقتها الأصلي (1-1) بهدف بلاتيني قبل أن يتأهل الزرق بركلات الجزاء، لكن سيناريو 1982 تكرر وشاء قدر أن المسيرة هنا ستتوقف، وأمام نفس المنافس ألمانيا الغربية (2-0) في مباراة كان فيها صانع الألعاب الفرنسي في غاية الإرهاق البدني وخارج الإطار.

لعب موسما إضافيا، لم يحقق أي لقب وقرر التوقف

جعلت خيبة مونديال المكسيك النجم الفرنسي واعيا بأن علاقته مع المستديرة الساحرة قاربت على النهاية، حيث أصبح يبلغ من العمر 31 عاما ولم يبق بتلك القوة واللياقة البدنيتين اللتان كان عليهما من قبل، لذلك قرر إنهاء مسيرته الكروية مباشرة بعد موسم 1986-1987، ورغم أن اليوفي لم يحقق أي لقب إلا أن جماهير السيدة العجوز ودَعته بطريقة رائعة وذلك خلال آخر مباراة لعبها أمام بريتشيا (الفوز 3-2) وسط حضور 30 ألفا من أنصار البيانكونيري يوم 17 ماي 1987، ونفس الشيء حدث مع المنتخب الفرنسي يوم 29 فيفري من نفس السنة أمام إيسلندا في إطار تصفيات كأس الأمم الأوروبية (الفوز 2-0)، لتوضع نقطة النهاية لبطل فرنسي أحدث ثورة على صعيد المستديرة الساحرة طوال حقبة سبعينات وثمانينات القرن الماضي.

لاعب القرن في فرنسا والوحيد الذي فاز بالكرة الذهبية ثلاث مرات متتالية

وتقديرا للإنجازات العظيمة التي قدمها لكرة القدم الفرنسية إبان فترة لعبه فقد إختارت مجلة فرانس فوتبول الشهيرة ميشال بلاتيني كأفضل لاعب فرنسي خلال القرن العشرين، متقدما على زين الدين زيدان وريمون كوبا، وهو إختيار منطقي بالنظر لما حققه لفرنسا من جهة، وأيضا مسيرته الإحترافية خاصة مع جوفنتوس ما بين 1982 و1987 حيث توَج بجائزة الكرة الذهبية التي تمنحها المجلة لثلاث مرات متتالية (1983، 1984، 1985) وهو إنجاز لم يحققه أي لاعب آخر ليومنا هذا.

إتجه للتدريب، أشرف على الديكة، 19 مباراة متتالية دون هزيمة وخروج من الباب الضيق

بعد إعتزاله للكرة كانت الوجهة القادمة للاعب الأسطورة هي التدريب، وتم تعيينه في الفاتح من نوفمبر 1988 مدربا للمنتخب الفرنسي خلفا لهنري ميشال الذي تمت تنحية في منتصف مشوار تصفيات كأس العالم 1990 بحجة النتائج السيئة، ولم ينجح إبن مدينة جوف في عكس المعطيات وتأهيل بلاده لمونديال إيطاليا، وبدأت ثمار عمله تظهر إبتداء من تصفيات كأس أمم أوروبا 1992 عندما احتل رفقاء قلب الهجوم جون بيار بابان المركز الأول في مجموعتهم التصفوية بثمان انتصارات وتعادلين من عشر مباريات، ناهيك عن سلسلة 19 مباراة دون هزيمة بإحتساب المباريات الودية، هذه المعطيات جعلت الديكة من أبرز المرشحين لتحقيق الكأس وإعادة سيناريو 1984 لكن المفاجأة كانت مدوية بالإقصاء من الدور الأول دون تحقيق أي انتصار، ما عجَل باسقالة بلاتيني يوم 2 جويلية 1992 وخروجه من الباب الضيق.

ساهم في تنظيم مونديال 1998، عمل في إتحادية بلاده وبلاتير عينه مستشارا له

تجربته الفاشلة في التدريب جعلته يطلق هذه المهنة إلى غاية يومنا هذا، حيث إتجه إلى المجال الإداري، وكانت أول وظيفة جدَيَة كلَف بها هو رئاسة اللجنة التنظيمية لكأس العالم 1998 التي أستضافتها بلاده مناصفة مع رئيس الإتحادية السابق فيرناند سارتر، وبعد المونديال تم تعيينه من قبل الرئيس السويسري الجديد للإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" جوزيف سيب بلاتير كمستشار خاص، ثم نائبا لرئيس الإتحادية الفرنسية سنة 2001، ثم عضوا في اللجنيتين التنفيذيتين للفيفا والإتحاد الأوربي خلال العام الموالي، هذا دون الحديث عن دوره الإعلامي حيث تولَى في بعض الأحيان تحليل مباريات كرة القدم لقناة كانال + خاصة لقاءات رابطة الأبطال الأوروبية.

خلف يوهانسون على مقعد رئاسة "الويفا" منذ 2007

وعلى عكس التدريب يبدو أن بلاتيني وجد ضالته بشكل كبير في ميدان الإدارة، وتوَج ذلك بإختياره رئيسا للإتحاد الأوروبي بداية سنة 2007 بعد فوزه في الإنتخابات التي جرت بمدينة دوسلدورف الألمانية على منافسه السويدي لينارت يوهانسون والذي يرأس "الويفا" منذ 1990 بواقع 27 صوتا مقابل 23، ليصبح ثاني فرنسي يرأس إتحاد القارة العجوز بعد جاك جورج (1983-1990)، واعتمد ملف إبن مقاطعة موزيل على عدة أفكار جديدة أهمَها تغيير نظام منافسات الأندية الأوروبية بطريقة تعطي البلدان الصغيرة فرصا أكبر للإحتكاك وكسب الخبرة وهو ما يحدث الآن مع البطولة الأوروبية التي حلت مكان كأس الإتحاد الأوروبي.

تزوج في سن الـ22، وإبنه عمل مع باريس سان جرمان وإبنته ممثلة كوميدية

أما عن الحياة الخاصة للاعب فقد تزوج إبان فترة لعبه مع نانسي من كريستال بيغوني، وتحديدا يوم 21 ديسمبر 1977 أي لما كان يبلغ من العمر 22 سنة، وأثمرت علاقتها عن إبن إسمه لوران وإبنة إسمها مارين، وتعيش العائلة منذ بداية العشرية الحالية في سويسرا، وتحديدا في مدينة جينوليي القريبة من مقر الإتحاد الأوروبي بمدينة نيون، لكن الإبنين يعيشان بعيدا وتحديدا في العاصمة باريس، فلوران المولود سنة 1979 درس إختصاص الحقوق وعمل ما بين 2006 و2008 كمسؤول قضائي بنادي باريس سان جرمان، أما مارين المولودة سنة 1980 فقد ذهبت لمجال التمثيل وهي تعمل كفنانة كوميدية منذ عدة سنوات ولها عدة أعمال على مستوى الأفلام الفرنسية.

خفيف الدم، يعشق المرح وصديق دائم للمزاح

والشيء المميز في شخصية رئيس الإتحاد الأوروبي أيضا، والذي يجهله كثيرون، هو إمتيازه بخفة دمه وحبه الدائم للمرح والضحك، وذلك منذ أن كان لاعبا مع نانسي، ورُويت عنه عدة قصص مضحكة على غرار قيامه بالسقوط على الأرض فجأة وادَعاء أنه ميت قصد إثارة الرعب بين زملائه، وكذلك خلال مونديال 1978 بالأرجنتين أين كان يقوم بصب معجون الأسنان على فراش زملائه اللاعبين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بطاقة فنية:

الإسم: ميشال

اللقب: بلاتيني

تاريخ ومكان الميلاد : 21 جوان 1955 في جوف

المركز: صانع ألعاب

الكنية: الملك ميشال

الفرق التي لعب لها:

نانسي (من 1972 إلى 1979)

سانت إيتيان (من 1979 إلى 1982)

جوفنتوس (من 1982 إلى 1987)

السجل:

مع نانسي:

كأس فرنسا: 1978

مع سانت إيتيان:

بطولة فرنسا: 1981

مع جوفنتوس:

كأس إيطاليا: 1983

بطولة إيطاليا مرتين: 1984 و1986

كأس الكؤوس الأوروبية: 1984

كأس الأندية الأوروبية البطلة: 1985

كأس السوبر الأوروبي: 1984

كأس ما بين القارات للأندية: 1985

الإنجازات الشخصية:

الكرة الذهبية لمجلة فرانس فوتبول ثلاث مرات: 1983، 1984، 1985

بطل الأبطال الفرنسيين حسب يومية ليكيب مرتان: 1977، 1984

أفضل لاعب في أوروبا حسب مجلة أونز 1983، 1984، 1985

أفضل لاعب فرنسي حسب فرانس فوتبول 1976 و1977

أفضل لاعب في البطولة الإيطالية 1984

أفضل لاعب في كأس الأمم الأوروبية 1984

أفضل لاعب في كاس ما بين القارات للأندية 1985

أفضل مدرب سنة 1991 حسب يومية "إيل باييس" الإسبانية ومجلة "وورلد سوكر"

إحصائيات:

لعب مع المنتخب الفرنسي 76 مباراة ما بين 1976 و1987 وسجل خلالها 41 هدفا

لعب مع جوفنتوس 221 مباراة سجل خلالها 104 أهداف

لعب مع سانت إيتيان 146 مباراة وسجل 82 هدفا

لعب مع نانسي 214 مباراة وسجل 127 هدفا

كلمات دلالية : ميشال بلاتيني

آخر الأخبار


تابعوا الهداف على مواقع التواصل الاجتماعي‎

الملفات

القائمة
12:00 | 2021-08-01 أديبايور... نجم دفعته عائلته للانتحار بسبب الأموال

اسمه الكامل، شيي إيمانويل أديبايور، ولد النجم الطوغولي في 26 فيفري عام 1984 في لومي عاصمة التوغو، النجم الأسمراني وأحد أفضل اللاعبين الأفارقة بدأ مسيرته الكروية مع نادي ميتز الفرنسي عام 2001 ...

07:57 | 2020-11-24 إنفانتينو... رجل القانون الذي يتسيد عرش "الفيفا"

يأتي الاعتقاد وللوهلة الأولى عند الحديث عن السيرة الذاتية لنجم كرة القدم حياته كلاعب كرة قدم فقط...

23:17 | 2019-09-13 يورغن كلوب... حلم بأن يكون طبيبا فوجد نفسه في عالم التدريب

نجح يورغن كلوب المدرب الحالي لـ ليفربول في شق طريقه نحو منصة أفضل المدربين في العالم بفضل العمل الكبير الذي قام مع بوروسيا دورتموند الذي قاده للتتويج بلقب البوندسليغا والتأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، وهو ما أوصله لتدريب فريقه بحجم "الريدز"...

خلفيات وبوستارات

القائمة

الأرشيف PDF

النوع
  • طبعة الشرق
  • طبعة الوسط
  • طبعة الغرب
  • الطبعة الفرنسية
  • الطبعة الدولية
السنة
  • 2021
  • 2020
  • 2019
  • 2018
  • 2017
  • 2016
  • 2015
  • 2014
  • 2013
  • 2012
  • 2011
  • 2010
  • 2006
  • 2003
  • 0
الشهر
اليوم
إرسال