لهذه الأسباب تحولت المدن الجزائرية إلى بحيرات عائمة فوق وديان نائمة

من البناء في المرتفعات إلى استهداف السلاح الأخضر بالإسمنت المسلح

نشرت : المصدر موقع "الشروق" الجزائري الاثنين 24 سبتمبر 2018 13:24

كشفت الأمطار الرعدية المتساقطة مند شهر أوت المنصرم حجم العيوب التي مست القاعدة التحتية في مختلف المدن الجزائرية، بدليل أن معظم الطرق سرعان ما تتحول إلى وديان بمجرد تساقط الأمطار لمدة لا تقل عن 10 دقائق، والأكثر من هذا فقد تسببت مياه السيول والوديان في خسائر مادية وفي الأرواح، خاصة تلك المجاورة للمدن والمجمعات السكنية الجديدة.

أجمع الكثير من المتتبعين والمواطنين على الخلل الكبير الذي بات يميز القاعدة التحتية للطرق والأحياء السكنية في مختلف المدن الجزائرية، وهو الأمر الذي وقع عليه الجميع من خلال الصور والفيديوهات المتداولة لوديان كانت نائمة أو مدفونة في مدن ومجمعات سكنية جدية سرعان ما عادت إلى مسارها الحقيقي بمجرد تساقط الأمطار الرعدية، ما كلف خسائر بالجملة، وتسبب في وفاة أشخاص جرفتهم مياه السيول والوديان، على غرار ما حدث مؤخرا في قسنطينة، حين توفي شخصان، والكلام ينطبق على باتنة، حين مات شخص في نواحي جرمة بسبب الأمطار الرعدية، وما حدث في وادي تيمقاد الذي جرف سائق آلة حفر نحو سد كدية لمدور، دون نسيان الأضرار البليغة التي عرفتها مدينة تبسة من الناحية المادية، وكذا وفاة طفل جرفته المياه، والأمثلة كثيرة لمدن تحولت إلى مسابح مفتوحة أو مستنقعات احتلتها الأوحال ومياه الوديان والشعاب.

وقد أرجع بعض المختصين ما حدث إلى أساليب الغش في الإنجاز، بطريقة أصبحت مقننة وممنهجة، في ظل غياب آليات المتابعة والرقابة من طرف الجهات الوصية، ما جعل البالوعات عديمة الفعالية، ناهيك عن غياب الصيانة وسوء التقدير، بدليل تشييد مشاريع ومجمعات سكنية في أماكن فلاحية أو فوق وديان نائمة، والكلام ينطبق أساسا على المجمعات السكنية والمدن الجديدة، والمدن التي تم تشييدها في السنوات الأخيرة، على غرار المدينة الجديدة حملة 1 و2 التي بنيت على أرض فلاحية معروفة بإنتاجها الوفير لمختلف أنواع الخضر، قبل أن يغزوها الاسمنت المسلح من كل جانب، في مشهد أصبح عاديا لدى الجزائريين الذين لم يتوانوا في استهداف الحقول والبساتين والأراضي الفلاحية بالاسمنت المسلح بدل توظيفها في استقطاب السلاح الأخضر الذي اشتهرت به الجزائر قديما، إشارة إلى تنوع محاصيلها الزراعية، وغنى أراضيها من الناحية الفلاحية.

بنايات تنتصب في قلب الأخطار

يؤكد الدكتور سليم درنوني، أستاذ في الانثربولوجيا بجامعة بسكرة، أن معظم المدن والقرى والمداشر وكل التجمعات السكانية تقع على ضفاف الأنهار والوديان والمجاري المائية، وهذا سواء في الجزائر أو بقية بلدان العالم، لأن أغلبية التجمعات السكانية حسب قوله كانت في بدايتها قائمة على الأنشطة الزراعية التي تستلزم مصادر للمياه كالوديان والمنابع، لكن الملفت للانتباه حسب الدكتور سليم درنوني هو أن أسلافنا كانوا يقيمون تجمعاتهم السكانية في المرتفعات بعضها تكون شديدة الانحدار، وهذا ليس فقط للاحتماء من الأعداء، إنما أيضا تحسبا للمخاطر الطبيعية، مثل الفيضانات التي تعوم فيها مدننا اليوم بأزقتها ومسالكها، بل حتى الطرقات الوطنية المزدوجة حسب الدكتور درنوني أصبحت وديانا تغمرها السيول الجارفة، ما جعله يتساءل بالقول: “لماذا لا تكون هذه الخلفية الثقافية لتأسيس المدن لدى مهندسينا؟”، وهو التساؤل الذي يخلف حسب البعض الكثير من علامات الاستفهام، وهذا قياسا بسياسة واستراتيجيات البناء قديما قياسا بما يحدث حاليا، خاصة في ظل اللجوء إلى الحلول السهلة التي تجعل أغلب المدن الجزائرية على صفيح ساخن صيفا وفوق قنابل موقوتة في جميع الأوقات، في ظل العشوائية في البناء والافتقاد إلى بنية تحتية فعالة.

تحذيرات من ردم الوديان وعواقب الغش في الأشغال

ولم يتوان الكثير ممن تحدثوا مع “الشروق” من إطلاق تحذيرات شديدة اللهجة، في ظل السياسة المتبعة في الوقت الحالي، والمبني على منطق الهروب إلى الأمام حسب وصف البعض، ما كلف الكثير من الخسائر والأضرار المادية والبشرية، في وقت كان بالمقدور تفاديها لو تم التحلي حسبهم بالجدية والاتفاق وسلطة الضمير، حيث لم يتوان الكثير في دعوة الجهات الوصية إلى تحمل مسؤولياتها حول عديد المخلفات التي قد تنجر عن العشوائية في انجاز الكثير من المشاريع، وفي مقدمة ذلك طريقة تشييد المجمعات السكنية التي باتت تلتهم الأراضي الفلاحية، دون تكليف عناء البناء في أماكن مرتفعة وذات أرضية صلبة، كما حذر العض من أخطار تحدق بالمدن، بسبب اللجوء إلى ردم الوديان او بنائها حتى تتحول إلى طرق تساهم في التخفيف من حركة المرور، ولو أن هذه الطريقة وصفها الكثير بأنها غير محمودة العواقب، على غرار ما حدث مؤخرا في تبسة، حين اجتاحت مياه الوديان عددا كبيرا من السكنات، وهو الكابوس الذي يلاحق أيضا سكان مدينة باتنة، موازاة مع تغطية الوديان التي تحولت إلى طرق، ما شكل مخاوف بالجملة، خاصة في ظل غياب الصيانة والسيناريوهات الحاصلة التي خلفت خسائر وأضرارا كبيرة في مختلف المدن الجزائرية.

آخر الأخبار


تابعوا الهداف على مواقع التواصل الاجتماعي‎

الملفات

القائمة
12:00 | 2021-08-01 أديبايور... نجم دفعته عائلته للانتحار بسبب الأموال

اسمه الكامل، شيي إيمانويل أديبايور، ولد النجم الطوغولي في 26 فيفري عام 1984 في لومي عاصمة التوغو، النجم الأسمراني وأحد أفضل اللاعبين الأفارقة بدأ مسيرته الكروية مع نادي ميتز الفرنسي عام 2001 ...

07:57 | 2020-11-24 إنفانتينو... رجل القانون الذي يتسيد عرش "الفيفا"

يأتي الاعتقاد وللوهلة الأولى عند الحديث عن السيرة الذاتية لنجم كرة القدم حياته كلاعب كرة قدم فقط...

23:17 | 2019-09-13 يورغن كلوب... حلم بأن يكون طبيبا فوجد نفسه في عالم التدريب

نجح يورغن كلوب المدرب الحالي لـ ليفربول في شق طريقه نحو منصة أفضل المدربين في العالم بفضل العمل الكبير الذي قام مع بوروسيا دورتموند الذي قاده للتتويج بلقب البوندسليغا والتأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، وهو ما أوصله لتدريب فريقه بحجم "الريدز"...

خلفيات وبوستارات

القائمة

الأرشيف PDF

النوع
  • طبعة الشرق
  • طبعة الوسط
  • طبعة الغرب
  • الطبعة الفرنسية
  • الطبعة الدولية
السنة
  • 2021
  • 2020
  • 2019
  • 2018
  • 2017
  • 2016
  • 2015
  • 2014
  • 2013
  • 2012
  • 2011
  • 2010
  • 2006
  • 2003
  • 0
الشهر
اليوم
إرسال